بعد قراءتي قانون الجامعات الحكومية لأكثر من مرة أجد من الصعوبة قبول فكرة أن هذا القانون جاء ليخدم التعليم الجامعي الحكومي، بعد إقصائه كليات التطبيقي دون مسوغ أكاديمي يبرر هذا الإقصاء، علماً أن كليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي تعتبر الحاضن الأكبر للطلبة على مستوى دولة الكويت.

من وضع القانون على ما يبدو أراد معاقبة التطبيقي أو إبقاء الوضع الجامعي الحكومي على ما هو عليه لسنوات طوال، فالقانون جاء ميتاً من الناحية التطبيقية، وحتى جامعة عبدالله السالم التي نص القانون على إنشائها فور استلام جامعة الكويت لمبانيها الجديدة يتطلب سنوات من العمل الإداري والتنظيمي لكي ترى النور، فإلى هذه اللحظة لا توجد آلية عمل واضحة لتحديد ملامح وشكل الجامعة الجديدة.

Ad

في عام 2012 تقدمت اللجنة التعليمية بقانون إنشاء جامعة جابر الأحمد تكون نواتها كليات التطبيقي، لكن إصرار الحكومة على استثناء بقية كليات الهيئة والإبقاء على كلية التربية الأساسية منفردة مع إضافة كليات أخرى دون أساس علمي ومسوغ أكاديمي ساهم في إجهاض جامعة جابر بشكل رسمي فور صدور قانون الجامعات الحكومية.

كلما أردت أن أحسن النية بالمبررات التي تم بموجبها استثناء كليات التطبيقي من مظلة قانون الجامعات الحكومية رأيتني مضطراً إلى الرجوع لمحاضر مجلس الأمة أثناء مناقشة جامعة جابر في مداولتيه الأولى والثانية، وكيف استطاعت الحكومة أن تمرر القانون بطريقة ذكية كانت كفيلة بالقضاء على إمكانية المضي فيها.

في تلك الأيام كتبت مقالاً تحت عنوان "لعيونك ما فيه جامعة ثانية"، بتاريخ 2 أبريل 2012 ذكرت فيه أن إنشاء جامعة تطبيقية نواتها كليات التطبيقي قد أوجع البعض، وعلى ما يبدو أن إنشاء الجامعة التطبيقية مازال هاجس البعض، لذلك لم أستغرب إقصاء كليات التطبيقي من هذا القانون المسخ.

لا أعرف إن كانت الحكومة قد اطلعت على الدراسة التي تقدمت بها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والتي خلصت إلى فصل التعليم التطبيقي عن التدريب، بعد حصول المشروع على موافقة مجلس إدارة الهيئة، أو أنها اكتفت بتقرير وزارة المالية وبتوجهات الحكومة بوقف إنشاء هيئات أو كيانات حكومية أخرى على اعتبار التعليم الجامعي قضية هامشية.

على العموم قامت هيئة التطبيقي بمخاطبة وزارة المالية في كتاب تبين فيه التكلفة التقديرية لإقرار مشروع فصل التعليم التطبيقي عن التدريب، والتي تتجاوز المليون دينار بقليل، علماً أن هذا الرقم يمكن توفيره من ميزانية التفرغ العلمي بعد استبعاد بعض المسميات الوظيفية، ناهيك عن أن دراسة الجدوى الذي تقدمت به الهيئة تطرق لحساب الفوائد النفعية التي من شأنها أن توفر عشرات الملايين من ميزانية الدولة.

في الختام إن كانت الحكومة ومجلس الأمة مهتمين بجودة التعليم فعليهما إضافة كليات التطبيقي لقانون الجامعات الحكومية لتصحيح الوضع الشاذ لها، أو التقدم بمشروع يفضي إلى إنشاء جامعة تضم كليات التطبيقي الخمس بدلاً من تركها تعمل بعيداً عن مظلة القانون واللوائح التي تنظم عمل الكليات، والأمر متروك لكم إن كان التعليم الجامعي الحكومي يعنيكم!

ودمتم سالمين.