بدا رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي متفائلاً، السبت الماضي، حين صرح بأنه أكمل تشكيلة تاريخية؛ لأنها تتكون من وزراء مستقلين يلبّون مطالب حركة الاحتجاج، التي أصبحت طرفاً لا يمكن تجاوزه، لأن أي تصعيد محتمل ضدها سيُسقِط التشكيلة الموعودة، لكن اتصالات على أعلى المستويات في الوسطين السني والكردي، تشير إلى وجود معضلة قد تمنع ذلك، وتُحدِث شرخاً جديداً بين النظام والمحتجين.

وتطالب الاحتجاجات بحكومة مستقلة عن الأحزاب ذات طابع مؤقت لمحاسبة القتلة الذين أوقعوا آلاف المتظاهرين بين قتيل وجريح، ولإجراء انتخابات مبكرة تتمتع بالنزاهة ومن شأنها تغيير خريطة القوى في البرلمان بنحو عادل يُقلِّص مساحة الطبقة المتهمة بالفساد وممثلي الميليشيات الموالية لإيران، ولن يمكن قبول حكومة حزبية تؤدي هذه الوظيفة.

Ad

لكن الطرفين؛ الكردي والسني يقدمان اعتراضاً جوهرياً على هذه الصيغة الجديدة لتشكيل الحكومة، قائلين إن الشيعة هم الذين التزموا بالمحاصصة الطائفية حين قدموا مرشحاً شيعياً وإسلامياً لرئاسة الحكومة المؤقتة، فلماذا يُطالَب السّنة والأكراد بأن يلتزموا الصمت أمام حكومة لا تتضمن حصتهم الحزبية؟

وتعهد علاوي بالانسحاب من المهمة إذا ضغطت عليه الأحزاب للتمسك بصيغة المحاصصة في تشكيل الوزارة، لكن مهلته الدستورية ستنتهي مطلع مارس المقبل ووقته ضيق، وتبدو خياراته محدودة بين إرضاء الكتل وإرضاء الجمهور الغاضب المُصرّ على حكومة مستقلة.

ولا ينص دستور العراق على تقاسم طائفي للمناصب، لكنه في المادة 105 ينص على أن «تؤسس هيئة عامة لضمان حقوق الأقاليم والمحافظات في المشاركة العادلة في إدارة مؤسسات الدولة»، إلا أن الأحزاب جعلت ذلك بمعنى إشراك الجميع في الحكومة مما أدى إلى غياب المعارضة في معظم الحكومات، وجعل الجمهور يتهم هذه المعادلة بأنها راعية للفساد وتلكؤ الدولة وضياع مواردها المالية الضخمة.

وربما يتيح الاعتراض، السني- الكردي، للأحزاب الشيعية أن تُحمّل هذه الأطراف مسؤولية عدم تلبية مطالب المحتجين، لكن المحتجين أنفسهم يشككون في طريقة اختيار علاوي، ويتهمون أطرافاً مقربة لطهران بتمريره، وبالتالي عدم نجاحه في ملاحقة القتلة الموالين للميليشيات، ولا تنظيم انتخابات عادلة.

وتقول مصادر مطلعة في إقليم كردستان، إن القيادات الكردية حريصة على عدم التصادم مع مطالب المحتجين، لكنها ستحاول تنظيم حملة شعبية للتنبيه إلى أن الأطراف الشيعية المقربة من طهران تحاول الالتفاف على مطالب الانتفاضة العراقية، وإلقاء اللوم في أي فشل، على الملاحظات الكردية والسنية.

وينتظر المحتجون أن تتغير قاعدة أخرى تخص تشكيل الحكومة، بعد نجاحهم في تغيير مسار اختيار رئيس الوزراء سابقاً، ليروا فيها وزراء مستقلين يوالون مطالب حركة الاحتجاج، رغم أن الأحزاب تحاول، حسب المصادر، أن تقدم مستقلين جرى الاتفاق معهم سابقاً على ترتيبات العمل الوزاري وفق الحصص السابقة، وهو أكبر اختبار سيواجه علاوي وقد يؤدي إلى إسقاط سريع لحكومته، حتى لو مرت عبر أغلبية شيعية بالبرلمان وقاطعها الأكراد والسنة.