وسط ترقب لجولة أكثر دموية في الصراع، الذي شارف على دخول عامه العاشر، طلب وزير الدفاع التركي خلوصي أكار من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، دعماً ملموساً لمواجهة دمشق، تزامناً مع كشف رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة فخرالدين ألطون عن "تعبئة القوات الجوية والبرية استعداداً لإخراج الجيش السوري بنهاية فبراير الجاري بعيداً عن حدود نقاط المراقبة"، التي باتت 4 من أصل 12 منها تحت حصار الجيش السوري.

وقبل مناقشات عامة تطرقت إلى سورية، عقد أكار لقاءات أمس مع عدد من نظرائه في حلف شمال "الطلسي" أبرزهم الأميركي مارك إسبر، أعرب فيها "عن ارتياحه لموقف واشنطن وأهمية تقديمها والحلف مساهمة ملموسة" في تسوية قضية إدلب.

Ad

وشدد أكار على أن الحشد العسكري المتواصل بإدلب هدفه تحقيق وقف إطلاق النار وجعله مستداماً، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات ضد من لا يمتثل له، بما في ذلك الفصائل الجهادية بقيادة جبهة النصرة سابقاً، مؤكداً أن أنقرة "ستجبرها على الالتزام".

وفي قت سابق، اتهم ألطون "دمشق باستهداف المدنيين وتفريغ إدلب من سكانها بهدف تسهيل السيطرة عليها"، مشدداً على أن "التعبير عن القلق لم يعد كافياً، وتركيا لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه المجازر، ولن تسمح بتجميع مئات آلاف اللاجئين على حدودها".

وشدد ألطون على أن "تركيا تعاملت بصبر، ملتزمة بالاتفاقيات مع الجهات الضامنة، في وقت تتجاهل اتفاقية منطقة خفض التصعيد واستهداف الجنود الأتراك من قبل النظام". وقال: "لن نتسامح مع أي اعتداء، وكما أوضح رئيسنا سنرد بقوة وحزم ضد أي من مضايقات من واجبنا الأخلاقي والإنساني دعم بقاء الشعب السوري على أرضه وحفظ كرامته".

دعم أميركي

في الأثناء، أعلن المبعوث الأميركي لسورية جيمس جيفري، أن "واشنطن تنظر في سبل تقديم الدعم لتركيا في إطار حلف الأطلسي والأولوية تعود لتزويد قواتها بمعلومات استخباراتية ومعدات عسكرية"، موضحاً أن الحديث لا يدور حتى الآن عن إرسال جنود أميركيين".

واستبعد جيفري، خلال زيارته لأنقرة، احتمال اندلاع نزاع واسع النطاق في الساحة السورية بمشاركة الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإسرائيل، معتبراً أن "اللاعبين الكبار" يتوخون أقصى درجات الحذر في تحركاتهم.

وإذ أكد جيفري الاتفاق مع أنقرة في عديد من النقاط حول إدلب وحقها في حماية أمنها وحدودها، واصل الجيش التركي تعزيز نقاطه بعناصر من قوات الإنزال والمهام الخاصة "كوماندوز" من مختلف الوحدات، كما نشر أيضاً راجمات صواريخ متعددة السبطانات على الحدود، كما أنشأ نقطتين عسكريين بالقرب من مدينتي الأتارب وبنش بعد أيام من تثبيت نقاط مشابهة في سراقب ومعسكر المسطومة بريف إدلب.

صواريخ ومدافع

وتمهيداً للعملية المحتملة، نشرت "يني شفق" أنواع أسلحة يمكن للقوات التركية استخدامها في تنفيذ تهديدات الرئيس رجب طيب إردوغان بنهاية فبراير الجاري ومنها SOM كروز التركي القادر على ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة على مسافة 250 كلم وSlam ER أرض- جو ومداه أكثر من 250 كلم وPopeye المصنوع بشراكة إسرائيلية ومداه 150 كلم، إضافة إلى مجموعة الإرشاد الدقيق HGK والتوجيه المساعدة KGK وهي أنظمة توجيه القنابل وغيرها.

أما الأسلحة البرية، فأشارت الصحيفة إلى إمكانية استخدام مدافع هاوتزر العاصفة عيار 155 ملم التركية، ويمكن إعدادها للإطلاق في 30 ثانية فقط حتى في أثناء الحركة، وراجمات سكاريا القادرة على ضرب الأهداف على مسافة 40 كلم.

باب الهوى

في المقابل، واصل الجيش السوري تقدمه في ريف حلب، وأحكم قبضته على قرى جديدة باتجاه بلدة الأتارب الاستراتيجية في طريقه باتجاه معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا.

ونقلت صحيفة "الوطن" عن مصدر ميداني، أن الوحدات العاملة بين الحدود الإدارية لحلب وإدلب حررت قريتي عرادة والشيخ علي بين الطريق الدولي دمشق – حلب غرباً، وبعد توسيع مسافة الأمان ستتجه للطريق الثاني الموازي بالأهمية العسكرية وهو إدلب- حلب القديم، الطريق أو طريق 60، والممتد من مدينة حلب شمالا، نزولا إلى خان العسل إلى الشيخ علي ثم كفر حلب مزناز ثم معرة النعسان تفتناز طعوم بنش قلب مدينة إدلب.

وأوضح المصدر، أنه إضافة إلى ذلك، فإن الطريق الآخر المهم أيضا هو طريق حلب- اللاذقية والمعروف بـM4، والذي تتطلب مسافات الأمان على جوانبه السيطرة على أغلب قرى محافظة إدلب الجنوبية، لتصبح مدينة إدلب محاصرة تماما، وعند ذلك يتقرر وضعها بالكامل حسب المعطيات، سواء تتم استعادتها بعملية عسكرية أو باتفاق.

وأكد المرصد السوري إرسال تعزيزات للقوات الحكومية في ريفي إدلب وحلب ووصول آليات عسكرية ودبابات إلى مشارف حي الراشدين وحلب الجديدة وشرق طريق M5 الدولي، كما وصلت تعزيزات مماثلة إلى منطقة ريف إدلب الجنوبي، متحدثاً عن "هدوء حذر" ساد بعد فشل فصائل المعارضة في استعادة مناطق خسرتها في ريف حلب الغربي.

ضغط متزايد

وفي واحدة من أقوى الإشارات حتى الآن على أن سورية تضع العلاقات بين موسكو وأنقرة تحت ضغط متزايد، اتهم الكرملين ووزارتا الخارجية والدفاع في روسيا تركيا بسوء النية، وذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس رجب طيب إردوغان الروس بالمشاركة في مجازر إدلب.

وأكد مدير قاعدة حميميم الروسية يوري بورينكوف، أن الجيش السوري تمكن من إنشاء منطقة آمنة في إدلب تنص عليها مذكرة سوتشي الموقعة 17 سبتمبر 2018 بعد أن فشلت تركيا في تنفيذ هذه المهمة، مبيناً أنه بسط السيطرة على جانب من طريق M5 المار بإدلب، وهزم تشكيلات "النصرة" وحلفائها ووضع حد لقتل المدنيين.

في مكايدة سياسية لتركيا، صوت مجلس الشعب السوري أمس على الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن على أيدي الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى.

الروس للأتراك: هل الأميركيون حلفاؤكم؟

بعد إعلان واشنطن وقوفها إلى جانب شريكتها في حلف شمال الأطلسي ضد الجيش السوري، وجهت السفارة الروسية في أنقرة، سؤالاً للأتراك عما إذا كانوا يعتبرون الأميركيين حلفاء لهم، ناشرة على صفحتها في "تويتر" صورا توضيحية عن العلاقات مع توقيع "نترك الخيار لكم".

ويظهر الرسم الأول المرفق بالرسالة صورة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وهو يعلق على مقتل الجنود الأتراك في محافظة إدلب بالقول: نحن بجانب حليفنا في الناتو، تركيا، التي فقد جيشها عدداً من جنوده في هذا الهجوم.

وفي الجوار، نشرت السفارة الروسية رسماً تخطيطياً لوكالة الأنباء التركية (الأناضول) مع بيانات حول المساعدات العسكرية الأميركية للوحدات الكردية، التي تعتبرها أنقرة جماعة إرهابية.