قتل متظاهران بالرصاص الحي وأصيب آخرون، فجر أمس، في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، جنوب العراق، خلال اقتحام مسلحين مجهولين ساحة الحبوبي، الساحة المركزية للاحتجاجات المناهضة للحكومة في المحافظة وإحراق خيم المحتجين.

وليل الأحد-الاثنين، أقدم مسلحون مجهولون يستقلون سيارات رباعية الدفع على اقتحام وحرق خيم المعتصمين في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، وأطلقوا النار على المعتصمين وأحرقوا خيمهم التي تحولت إلى ركام. وأكد مصدر طبي في الناصرية مقتل متظاهرين وإصابة أربعة آخرين بجروح بالرصاص الحي، جراء الهجوم.

Ad

وأصيب 75 متظاهراً على الأقل، خصوصا بالرصاص الحي، خلال مواجهات وقعت في ساعات الليل عندما حاولت قوات الأمن إبعاد المحتجين عن جسور المدينة، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر أمنية وطبية.

وفي تحدٍ منهم، أقدم ناشطون في ساحة الاعتصام في الناصرية على بناء خيم اسمنتية بدل الخيم التي احترقت. ونشروا من ساحة الاعتصام مجموعة صور لشبان يعملون على بناء خيم أسمنتية، وكتبوا تعليقات مؤيدة ومشجعة لهذه الخطوة.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لقائد شرطة ذي قار، العميد ناصر لطيف، يرفض فيه تقديم استقالته، ويؤكد أنه ليس لدى قوات الأمن بالمحافظة نوايا لاقتحام ساحة الحبوبي وجسر الزيتون، مشيراً إلى أنه يعتبرها "أماكن مقدسة".

«أشباح»

وعبر محتجون عن غضبهم من رواية السلطة، متهمينها بالعجز أو التواطؤ. ويقول النشطاء إن الأحزاب المحسوبة على ايران هي وراء الاعتداءات عليهم، مشيرين خصوصا إلى أن هذه الميليشيات التي تملك السلاح والقدرات الأمنية، والمنضوية في الحشد الشعبي، لا يمكن ان تسمح لمسلحين مجهولين بافتعال حوادث أمنية دون علم بها، خصوصا أن هذه الحوادث تجري في مناطق شيعية خالصة.

وعلي سبيل السخرية، أطلق على مرتكبي هذه الاحداث "الأشباح" او "الطرف الثالث" نسبة الى عبارة استخدمها رئيس الزراء المستقيل عادل عبدالمهدي للاشارة الى مطلقي النار على المتظاهرين في مطلع الحراك الاحتجاجي.

وقالت "حركة النجباء" إن "عصابات الجوكر هي التي هاجمت المتظاهرين في الناصرية" وأرفقت مقطعاً مصوراً يظهر النيران وهي تلتهم خيم المعتصمين. وتطلق الاحزاب الموالية لإيران عبارة عصابات الجوكر على مجموعات مجهولة تتهمها بالارتباط بالسفارة الأميركية وافتعال اضطرابات أمنية.

وفي بغداد سادت أجواء من الهدوء النسبي في ساحة التحرير، قلب الحراك الاحتجاجي الاصلاحي المتواصل منذ اكتوبر الماضي، وتوافد الآلاف من المحتجين معظمهم من طلبة الكليات الى ساحة التظاهر بعد دعوات وجهت لهم، تزامنا مع انسحاب اتباع التيار الصدري ورفع الخيم التابعة لذوي "القبعات الزرقاء".

وتدفق الآلاف الى بقية الساحات مثل الخلاني والوثبة ونفق التحرير والسعدون، عشية مواجهات أدت الى اختناق العشرات بسبب الغاز المسيل للدموع.

علاوي

وعلق رئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي على احداث ساحة الحبوبي في تغريدة كتب فيها: "تباً لسلطة لا تستطيع أن تحمي شعبها، هل نسيتم أيام معارضة نظام صدام حسين، ارفعوا أيديكم عن شعبنا المحتج في الناصرية، فالعنف المفرط سيؤدي إلى ردود أفعال أشد، فهل سيتواصل قتلكم لـ 39 مليون عراقي؟".

من ناحيته، دعا رئيس تحالف القرار أسامة النجيفي، أمس، الحكومة إلى إيقاف ما وصفه بـ"المجازر" بحق المتظاهرين، معتبراً أنه ليس هناك "رواية حكومية مقنعة" ازاء ما يحدث من "استهداف للمتظاهرين السلميين.

وأضاف النجيفي، في تغريدة، أنه "لا بد للحكومة من معالجة ما يجري، أو إعلان عجزها عن حماية المتظاهرين، وكشف الطرف الذي يستهدفهم وإلا ستضطر القوى السياسية والمجتمعية لطلب الحماية الدولية الشعب".

قصف السفارة

على صعيد متصل، تبرأت معظم الفصائل العراقية المحسوبة على إيران، أمس، من قصف 5 صواريخ سقطت في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وأصابت للمرة الاولى مبنى السفارة الاميركية.

وأصاب صاروخ قاعة الطعام، بينما سقط الآخران في منطقة قريبة. وأُصيب 3 أشخاص على الأقل، حسبما أفادت وكالة رويترز، نقلا عن مصادر أمنية. وهذه أول مرة منذ سنوات يُصاب فيها موظفون بالسفارة في هجوم مماثل.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان: "ندعو حكومة العراق إلى الوفاء بالتزاماتها بحماية المنشآت الدبلوماسية".

وعلق رئيس تحالف الفتح هادي العامري، الأمين العام لمنظمة بدر، أمس في بيان: "نرفض الاعتداء على مقر السفارات والبعثات الدبلوماسية الاجنبية بالعراق". وأضاف ان "هذه الاعمال التخريبية هدفها خلق الفتنة وإعاقة مشروع السيادة ورحيل القوات الاجنبية التي صوت عليها مجلس النواب العراقي"، داعياً الحكومة الى "العمل الجاد في حماية البعثات الدبلوماسية وكشف المتورطين بها". وأكد القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" جواد الطليباوي، عدم وقوف "فصائل المقاومة" وراء القصف الصاروخي الذي استهدف السفارة الأميركية.

وأصدر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، أمس الأول، بياناً حذر فيه من تعرض البلاد لـ"تداعيات خطيرة" نتيجة هذه الأعمال، مؤكداً التزام الحكومة بحماية البعثات الدبلوماسية، كما أشار إلى إصداره أوامر باعتقال المنفذين وتسليمهم إلى القضاء.

كما استنكر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، الاعتداءات، معتبرا أن هذه الحوادث وأمثالها تسيء إلى الدولة العراقية.

وأعلنت وزارة الخارجيّة العراقية، أمس، رفضها واستنكارها لما وصفته بـ"العدوان" الذي استهدف سفارة الولايات المتحدة بالقصف بقذائف كاتيوشا، أمس، مؤكدة أنه لن يؤثر في العلاقات الاستراتيجيّة

وعلقت وزارة الخارجية الروسية على حادثة قصف السفارة، مشددة على أنه يجب على السلطات المحلية توفير الأمن لجميع الهيئات الدبلوماسية.

وقبل هذا الهجوم، ذكر تقرير نشرته "بي بي سي"، أمس الأول، أن 109 صواريخ استهدفت القوات الاميركية بالعراق منذ أكتوبر الماضي.

الصدر

إلى ذلك، حاول رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر، أمس الأول، التقرب مجدداً من المحتجين الذين وجهوا إليه اتهامات خطيرة وتسببوا بحالة ارتباك داخل صفوف التيار الصدري.

ووجه الصدر 12 نصيحة للمحتجين ودعاهم إلى "طرد المسيئين فوراً وعلناً"، وطالب بـ"عدم قطع الطرق وإرجاع الدوام في عموم المدارس"، وكذلك "التبرؤ من المحتل".

لكن لا يبدو أن المحتجين مستعدون للاستماع إلى نصائح الصدر المتهم من قبلهم "بخيانة الثورة"، بسبب وعد من إيران لدعم مرشحه لرئاسة الحكومة.