خرجت الحكومة اللبنانية إلى الضوء، مساء أمس الأول، بدفع قوي من "حزب الله" الذي تدخل حاسماً لإنهاء مخاض الولادة الوزارية العسيرة بعد أن عقده الاشتباك غير المسبوق، على الحصص والحقائب والأحجام بين أهل البيت السياسي الواحد.

واتجهت الأنظار سريعاً إلى رصد رد فعل المنتفضين في الشارع الذين انقسموا إلى قسمين، الأول ينادي بإعطاء الرئيس المكلف حسان دياب فرصة في التشكيل، باعتبار أنه يلبي من حيث المبدأ واحدة من أبرز مطالب الثورة لأنه شخصية "تكنوقراطية" أكاديمي ولا ينتمي بالمباشر إلى الأحزاب السياسية المعروفة.

Ad

أما القسم الثاني فرفضه وهتف لإسقاطه ولو بخلفيات متعددة، خصوصاً تيار "المستقبل" الذي يريد عودة رئيسه سعد الحريري لأنه الممثل الشرعي للكتلة الأكبر سنياً، كما خرج المتظاهرون إلى الشوارع والساحات تعبيراً عن رفضهم للحكومة، مردّدين هتافات مطالبة باستقالة دياب وتأليف حكومة مستقلة، وتظن هذه الفئة أن الوزراء الجدد هم واجهة للزعماء السياسيين.

ومع حلول المساء تجمّع المتظاهرون في ساحة النجمة وسط بيروت، وحاولوا اقتحام الحواجز المؤدية إلى مجلس النواب، مما أدى إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.

انعقاد الحكومة

وانعقدت، أمس أولى، جلسات حكومة دياب، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور العشرين وزيراً. والتقط الوزراء الصورة التذكارية، وفقاً للبروتوكول اللبناني، وأيضاً تم نشر صور للحكومة خلال انعقادها. وقال عون في مستهل جلسة مجلس الوزراء: "مهمتكم دقيقة وعليكم اكتساب ثقة اللبنانيين والعمل على تحقيق الأهداف التي يتطلعون إليها سواء بالنسبة إلى المطالب الحياتية التي تحتاج إلى تحقيق، أو الأوضاع الاقتصادية التي تردت نتيجة تراكمها على مدى سنوات طويلة".

ودعا إلى "ضرورة العمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية واستعادة ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسات اللبنانية والعمل على طمأنة اللبنانيين إلى مستقبلهم".

وأضاف: "لقد سبق أن أعددنا خطة اقتصادية وإصلاحات مالية سيقع على عاتق الحكومة تطبيقها أو تعديلها عند الضرورة".

وقال دياب خلال جلسة أمس: "نحن أمام مأزق مالي واقتصادي وعلينا التخفيف من وطأة الكارثة على اللبنانيين وتأمين الاستقرار الذي يحفظ البلاد والرهان على حماية ظهر الجيش وقوى الأمن عبر تأمين المظلة السياسية لهما ويجب الحرص على التعبير الديمقراطي".

وأعلن دياب أنّه يمثّل الحراك وتبنّى مطالبه، ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك تغيير في صياغة معادلة "جيش وشعب ومقاومة"(الواردة في بيان الحكومة السابقة)، قال: "نريد أن ندرسها ولا أريد أن أقول نعم أو لا".

وأشار دياب إلى أنّه من "غير الوارد إقالة رياض سلامة"، معلقاً: "نحن نبني على الإيجابيات". وشكل مجلس الوزراء لجنة إعداد البيان الوزاري برئاسة دياب وعضوية نائب رئيس الحكومة، ووزراء: المالية والخارجية والعدل والاقتصاد والبيئة والتنمية الإدارية، والإعلام، الشباب والرياضة، والاتصالات والصناعة والشؤون الاجتماعية.

وزني

وفي أول موقف رسمي له بعد توليه الوزارة كشف وزير المالية غازي وزني بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، أنه "من المستحيل أن يعود سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى 1500 ليرة في المرحلة المقبلة"، معتبراً أن "ضبط السوق الموازي في المرحلة المقبلة مرتبط بعمل الحكومة".

ورأى وزني أن "الوضع صعب جداً ووقف الانهيار الذي نعيشه ممكن وهذا الأمر يحتاج دعماً من الداخل والخارج وهو من مسؤولية الجميع". كا شدد بري على أن "المجلس وفور انتهائه من إقرار الموازنة ومنح الثقة للحكومة ستكون عيونه مفتوحة للمراقبة والمحاسبة في حال التقصير، وأولوية عمل اللجان إقرار كل القوانين الإصلاحية".

وأشار برّي إلى أن "المسؤولية تقتضي الترفّع عن السلبيات والحكومة قادرة على صياغة رؤى وبرامج للخروج من الأزمة شرط عدم إضاعة الوقت"، مضيفاً: يجب الاستفادة من حكومة الإنقاذ بعيداً عن التشنجات بغية تحقيق الاستقرار الحياتي والاقتصادي".

جعجع وجنبلاط

سياسياً، تراوحت ردود الفعل على الحكومة بين المؤيد والرافض لها ورأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنه "تبين من تشكيلة الحكومة ومن الأحداث التي رافقت تشكيلها أنها توليفة"، قائلاً، "يا محلا الحكومات السابقة". أما رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط فاعتبر في تغريدة، أمس، أن "أي حكومة أفضل من الفراغ لأن الآتي أصعب ومن الأفضل أن نكسر الحواجز كي لا نضيع في لعبة الأمم".

وبينما رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، بالإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة دياب، مشدداً على أن "الأمم المتحدة تدعم تعزيز سيادة لبنان واستقراره"، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، أن فرنسا ستفعل كل شيء لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته العميقة.

6 وزيرات بينهن أول وزيرة دفاع في دولة عربية

ضمت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة حسان دياب 6 وزيرات من أصل 20، في أكبر كوتة نسائية بحكومة لبنانية على الإطلاق.

وكما تفردت الحكومة السابقة بتعيين أول امرأة وزيرة للداخلية في لبنان والعالم العربي، أي الوزيرة السابقة ريا الحسن، ضمت الحكومة الجديدة تعيين أول امرأة عربية في منصب وزير الدفاع، وهي زينة عكر عدرا. وفيما يلي نبذات قصيرة عن الوزيرات في الحكومة الجديدة:

• زينة عكر عدرا (أرثوذكسية): وزيرة الدفاع، رشحها تكتل "لبنان القوى"، برئاسة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

حاصلة على شهادة البكالوريوس في العلوم الاجتماعية في التسويق/ الإدارة من الجامعة اللبنانية الأميركية، وزوجة رجل الأعمال جواد عدرا، المدير العام لشركة "الدولية للمعلومات"، واحدة من أبرز الشركات المتخصصة في استطلاعات الرأي.

• ماري كلود نجم (مارونية): وزيرة العدل، من مواليد بيروت عام 1971، حاصلة على إجازة في الحقوق ودبلوم دراسات عليا في القانون الخاص من كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة القديس يوسف في بيروت، وعلى شهادة دكتوراه في القانون الدولي الخاص من جامعة "بانتيون" في باريس.

• لميا يمين الدويهي (مارونية): وزيرة العمل، من مواليد زغرتا (شمال) عام 1974، حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في الهندسة المعمارية (DEA) من الجامعة اللبنانية. تعمل أستاذة جامعية في كلية الفنون الجميلة والعمارة – الجامعة اللبنانية.

• غادة شريم عطا (كاثوليكية): وزيرة المهجرين، أستاذة في الأدب الفرنسي بالجامعة اللبنانية، حاصلة على دكتوراه في الأدب الفرنسي، وصاحبة صفحة "السياسة كلمة مؤنث".

• منال عبدالصمد (درزية): وزيرة الإعلام، حاصلة على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون. كانت تشغل منصب رئيسة دائرة التشريع والسياسات الضريبية في مديرية الضريبة على القيمة المضافة - وزارة المال، وهي أستاذة محاضرة بجامعة القديس يوسف في بيروت.

• فارتينيه أوهانيان (أرمنية): وزيرة الشباب والرياضة، حاصلة على بكالوريوس العلوم الاجتماعية والاقتصادية من الجامعة اللبنانية. تشغل مديرة مركز زوارتنوتس التربوي والتأهيلي لذوي الاحتياجات الخاصة التابعة لجمعية العاملين الاجتماعيين للطائفة الأرمنية اللبنانية.