نزل عشرات آلاف العراقيين إلى الشوراع، أمس، في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية في تظاهرات كبيرة، خاضوا خلالها مواجهات عنيفة مع قوات الأمن التي أعلنت أنها ستمنع اعتباراً من اليوم غلق الطرقات أو إجبار الدوائر الرسمية على الإغلاق.

وبدءاً من، أمس، عمد المتظاهرون في بغداد ومدن جنوبية عدة إلى إغلاق الطرق السريعة والجسور بالإطارات المشتعلة، قبل ساعات من انتهاء مهلة محددة للسلطات لتنفيذ إصلاحات يطالبون بها منذ أكثر من ثلاثة أشهر وفي مقدمتها تعيين رئيس جديد للحكومة غير حزبي يشكل حكومة مؤقتة تمهد لانتخابات مبكرة.

Ad

وخاض آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة عمليات كرّ وفرّ مع القوات الأمنية في محاولة لقطع الطرق في بغداد ومدن جنوبية عدة. ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبدالكريم خلف قوله إن مجلس الأمن الوطني العراقي خوّل القوات الأمنية اعتقال من يقوم بقطع الطرق وغلق الدوائر الحكومية.

ودعا خلف المتظاهرين الى الالتزام بساحات التظاهر التي تم تأمينها وعدم الخروج إلى الطرقات وقطعها لتجنب الاعتقالات.

وفي بغداد تجمع الآلاف في ساحة الطيران وسط العاصمة حيث اشتبكوا مع القوات الأمنية التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي في الهواء لتفريقهم.

ووقعت أعنف مواجهات قرب جسر محمد القاسم، الذي شهد تبادلاً للسيطرة بين المحتجين والقوات الأمنية عدة مرات خلال مواجهات عنيفة سقط خلالها جرحى من الطرفين، وافادت مصادر طبية عن مقتل ٣ متظاهرين.

وقالت الشرطة في بغداد، إن قواتها نجحت في إعادة فتح جميع الطرق التي أغلقتها "المجاميع العنفية"، وأضافت أن 14 من أفرادها أصيبوا بالقرب من ساحة التحرير بعضهم مصاب بجروح في الرأس وكسور في العظام.

وأقدم شبان يرتدون خوذات وأقنعة لحماية أنفسهم من قنابل الغاز المسيل للدموع، على إقامة حواجز معدنية في الشارع في محاولة لإعاقة شرطة مكافحة الشغب.

وتحولت معظم مدن جنوب العراق، منذ منتصف ليل الأحد ــ الاثنين إلى مساحات من الإطارات المشتعلة لقطع الطرق الرئيسية والفرعية، خصوصاً في الكوت والناصرية والعمارة والديوانية وكربلاء.

وأغلقت أغلبية المحال التجارية والأسواق في تلك المدن، فيما أعلنت محافظات واسط وذي قار والديوانية تعطيل الدوام الرسمي. وفي الناصرية، قطع المتظاهرون الطريق السريع الذي يربط محافظة ذي قار بالعاصمة بغداد القادم من محافظة البصرة مستخدمين العوارض الحديدية والحجارة.

وقالت مصادر أمنية وطبية، إن عشرات المحتجين العراقيين أصيبوا في بغداد ومدن أخرى في اشتباكات مع قوات الأمن.

وذكر مسؤولو نفط أن الإنتاج في الموانئ الجنوبية لم يتأثر بفعل الاضطرابات. رغم ذلك لا تزال الطرق المؤدية الى خور الزبير مقطوعة في البصرة.

رئيس جديد للحكومة

على المستوى السياسي كشف النائب العراقي محمد الخالدي، رئيس "كتلة بيارق الخير" النيابية، أن رئيس الجمهورية برهم صالح سيكلف خلال ساعات مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء، مضيفاً أن "المرشح تم الاتفاق على صفاته مع الجماهير المنتفضة".

في المقابل، كتب الصحافي العراقي هشام الهاشمي عن تسريبات تشير الى أن القوى السياسية قدمت إلى صالح أسماء 5 شخصيات "غير جدلية" لتشكيل حكومة مؤقتة تمهد لانتخابات مبكرة. وأضاف أن "النقاش الآن يدور حول شخصيتين، كلاهما له تاريخ سياسي وحكومي بعد 2003، وليس عليهما ملفات فساد أو "فيتو" معلن من الساحات".

وأعلن علن النائب بكتلة "الحكمة" في البرلمان العراقي حسن خلاطي، اليوم أنه أمام رئيس الجمهورية 3 أسماء مطروحة غير محسوبة على أي جهة معينة ولها تواصل مع كل الجهات ومع القوى السياسية والجماهيرية، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العراقية.

وكشفت مصادر سياسية أخرى أن الاختيار يجري بين علي شكري ومصطفى الكاظمي رئيس جهاز المخابرات ومحمد توفيق علاوي. ووفق نفس المصادر، فإن الكاظمي مقبول إلى حد ما من الشارع ومرفوض سابقاً من المحور الإيراني، بينما شكري وعلاوي مرفوضان من الشارع تماماً.

وقلل رئيس "كتلة بدر" البرلمانية حسن شاكر الكعبي، أمس من الحديث عن قرب تكليف شخصية جديدة لرئاسة الوزراء، وقال: "حتى اللحظة لا يوجد توافق على اسم معين لكن هناك مواصفات تم التوافق عليها حول الشخصية التي يتم طرحها لشغل المنصب".

وأضاف أن "هناك اتفاقاً على أن يكون الشخص المرشح قوياً ونزيهاً ونظيفاً وليس لديه شوائب ولديه قدرة على إدارة الملفات الصعبة وإعادة هيبة الدولة"، لافتاً إلى أن "اختيار اسم المرشح قد يكون خلال عشرة أيام أو أقل أو أكثر".

وشدد النائب علاء الربيعي عن تحالف "سائرون"، أمس، على أن التحالف "لن يسمح بتمرير أي شخصية مستهلكة أو حزبية وغير كفوءة لمنصب رئيس مجلس الوزراء"، مضيفاً أن "سائرون بصفتها الكتلة الأكبر برلمانياً أوصلت رسالتها إلى رئيس الجمهورية بأن يختار شخصية مستقلة وغير منتمية للأحزاب وبحسب مطلب الشارع والمرجعية بأن يكون غير جدلي ومقبولاً من الجماهير".

وكان رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، دعا في بيان أمس الأول، إلى احترام إرادة المحتجين في العراق. وحث الصدر، الذي يقود أكبر كتلة سياسية في البرلمان، المتظاهرين على الحفاظ على الاحتجاجات سلمية لتجنب إلحاق الأذى "بأمن" الشعب العراقي. كما دعا الحكومة الى التفريق بين المتظاهرين السلميين والمخربين وإلى عدم زج ميليشيات "الحشد الشعبي" في قمع التظاهرات.

كما دعا رجل الدين الشيعي، السياسيين العراقيين إلى تسريع العملية وتقديم مرشح "غير مثير للجدل" لمنصب رئيس الوزراء المؤقت لتشكيل الحكومة.

وتسود حالة من الغموض السياسي بانتظار التظاهرة المليونية التي دعا اليها الصدر في 24 يناير الجاري للتنديد بالوجود الأميركي في العراق. ولاقت دعوة الصدر ترحيباً من الأحزاب المتحالفة مع ايران، الأمر الذي أثار توجس المتظاهرين الذين يدعون إلى الحد من التدخل الإيراني في شؤون العراق.

وأطلق الصدر دعوته من إيران، وجاءت رداً على تصفية قوات أميركية للجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس قرب مطار بغداد مطلع الشهر الجاري.

«الاتحادية»: لا قرار بخروج القوات الأجنبية

أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أمس، أنها لم تصدر أي قرار بخصوص خروج أو بقاء القوات الأجنبية. وقال المتحدث باسم المحكمة إياس الساموك، في بيان، إن المحكمة الاتحادية العليا لم تصدر أي قرار بخصوص خروج القوات الأجنبية من العراق أو بقائها.

وكانت بعض الكتل السياسية هددت في وقت سابق أثناء أزمة استهداف قوات الحشد بأنها ستلجأ إلى المحكمة الاتحادية للحكم بشأن شرعية وجود قوات أجنبية في البلاد.

وصوت مجلس النواب العراقي في الخامس من الشهر الجاري في جلسة استثنائية على قرار يلزم الحكومة العراقية بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وإنهاء وجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية.

بغداد تبحث عن «دفاع جوي» في روسيا والصين وأوكرانيا

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، أمس، ﻋﻦ زﻳﺎرة مرتقبة لوفود عراقية إﻟﻰ ﺛﻼث دول، هي روسيا والصين وأوكرانيا، في مسعى لشراء منظومات حديثة للدفاع الجوي.

وقال ﻋﻀﻮ اﻟﻠﺠﻨﺔ بدر اﻟﺰﻳﺎدي، إن "الوﻓﻮد ﺗﻌﺘﺰم زﻳﺎرة هذه الدول ﻟﻼﺗﻔﺎق ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮرﻳﺪ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت حديثة ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ الأﺟﻮاء اﻟﻌراﻗﻴﺔ، وإﻛﻤﺎل ﻧﺼب اﻟكاﻣﻴرات اﻟﺤﺮارﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤدود ﻟكشف أي ﺗﺤﺮﻛﺎت إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﺗﺤﺎول اﻻﺧﺘﺮاق".

وأوضح اﻟﺰﻳﺎدي أن "ﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ أﻋﺮﺑﺖ ﻋﻦ اﺳﺘﻌﺪادﻫﺎ ﻟﺘﺠﻬﻴﺰ اﻟﻌﺮاق ﺑﺎﻟﺴﻼح اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﻨﻔﻂ".

وانتقد "اﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت المتحدة"، داعياً الى "اﻟﺬﻫﺎب ﻟلمعسكر اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﺘﺴﻠﻴﺢ اﻟﺠﻴﺶ". وكانت بغداد ألمحت الى استعدادها لشراء منظومة s400 الروسية الحديثة للدفاع الجوي، مما دفع واشنطن إلى التلويح بعقوبات.