تدخل حركة الاحتجاجات المستمرة لشهرها الرابع في العراق مرحلة جديدة تبلغ ذروتها اليوم، بإعلان العصيان بمستويات كبيرة تصل إلى حد قطع الطريق الدولي الرابط بين بغداد والبصرة، وتحرج الحكومة من وقوع احتكاكٍ بقوة مع المتظاهرين، وسط مخاوفها من تطور الأمور إلى قطع إمدادات النفط، بعد أن تحدث ناشطون عن أدائهم تدريبات دقيقة حول كيفية قطع صادرات النفط من مضخة كبرى في صحراء البصرة المحاذية للكويت.

وقطع المحتجون طرقاً رئيسية في المدن الكبرى، أمس، وهاجموا مقرات لفصائل موالية لإيران في النجف، كما أحرقوا صور قاسم سليماني، جنرال حرس الثورة الإيراني الذي اغتيل مطلع الشهر، رغم أن الميليشيات تواصل في بغداد رفع جداريات عملاقة له ولرفيقه العراقي المعروف بأبي مهدي المهندس، المسؤول الكبير في قوات الحشد الموالية لطهران.

Ad

وفشلت الفصائل في وقف احتجاجات العراق رغم استخدامها أساليب وحشية جداً، لكنها تحاول في الآونة الأخيرة استغلال مقتل سليماني بهجوم أميركي، لتغيير موضوع الاحتجاجات وتوجيهه إلى واشنطن بدل الحكومة العراقية، إذ إن الخرق الأمني الأميركي وضع الكثير من قادة التيارات الدينية في وضع حرج أمام الجمهور الإسلامي، إلى درجة أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحشد أنصاره لتظاهرة كبيرة ضد الوجود الأميركي تنطلق الجمعة المقبلة في بغداد.

ولا يواجه المحتجون مشكلة مع جمهور الصدر، لكن الميليشيات بدأت استغلال هذه التظاهرة لتوجيهها ضد التيار المدني، الذي قدم نحو ٢٥ ألفاً بين قتيل ومصاب ومعاق في احتجاجه المستمر، حيث قال قادة في الحشد إن تظاهرات الجمعة المقبلة ستوجه ضد التظاهرات التي يتهمونها بأنها مدعومة من واشنطن.

ولأول مرة يواجه العراقيون تظاهرتين في آن واحد، الأولى ضد الحكومة والميليشيات، والأخرى تحمل شعارات ورموزاً إيرانية، الأمر الذي دفع التيارات المدنية إلى استباق تظاهرات الصدر وإعلان اليوم نهاية مهلة موجهة للحكومة، تشهد تصعيداً كبيراً يمكن أن يعطل مؤسسات الدولة بشكل كبير.

وحاول الصدر تأكيد أن التظاهرتين تصبان في هدف واحد هو سيادة العراق والاعتراض على النفوذ الأجنبي، لكنه يواجه انتقاداً غير مسبوق من التيار المدني، لأنه يسمح للميليشيات باستغلال جمهوره وإمكانية التصادم والعنف خصوصاً في ساحة التحرير ببغداد وهي معقل الحراك لسنوات.

ويحظى المتظاهرون بتعاطف محلي كبير يبرر لهم التصعيد، بعد أن فشلت الأحزاب في تقديم مرشح مقبول لحكومة مؤقتة تجري انتخابات بإشراف دولي، ويتوقع أن تؤدي إلى تحجيم كبير لأنصار إيران في البرلمان العراقي.

لكن قطع الطرقات وتعطيل الدوام في الجامعات بدأ يثير نوعاً من الانقسام الشعبي تجاه أساليب التصعيد الاحتجاجي، خصوصاً بعد أن جهز المتظاهرون سواتر وخطوط تماس على طرق رئيسية في البلاد.

وإذا صمدت خطوط التماس على الطرق الكبرى في بغداد ومدن أخرى فإن من شأن ذلك أن يمهد لتصادم مع تظاهرات الصدر والميليشيات، مما دعا بعض الأوساط إلى توقع تأجيل الصدر تظاهرته، التي توصف بأنها مقامرة تجعله يفقد جزءاً من تأييده كزعيم ظل سنوات يناصر المحتجين.