خالف الرئيس الإيراني حسن روحاني الأصول المتعارف عليها عقب صلاة الجمعة، التي أمّها المرشد الأعلى علي خامنئي، أمس الأول، للمرة الأولى منذ 8 سنوات، إذ انصرف دون مصافحة أحد، باستثناء حليفه رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، الذي كان جالساً بجواره، ولم ينتظر حتى ينصرف الإمام.

وأكد مصدر مقرب من أحد مستشاري الرئيس الإيراني،

Ad

لـ «الجريدة»، أن تصرف روحاني جاء بسبب خلافات ومشادات بينه وبين خامنئي وقادة «الحرس الثوري» ليلة الخميس وصباح الجمعة، إذ منع الحرس الخاص للمرشد عدداً من الوزراء ونواب الرئيس ومستشاريه من المشاركة في الصفوف الأولى للصلاة.

وعزا المصدر المشادة إلى أن روحاني أصرّ على أن يقوم خامنئي بإعلان «تجرع كأس السم» وتفويض الحكومة للدخول في مفاوضات جديدة مع الأميركيين لإيجاد اتفاق جديد، شريطة رفع العقوبات، على غرار ما قام به المرشد الراحل روح الله الخميني، عندما أنهى الحرب مع الديكتاتور العراقي صدام حسين، وهو ما رفضه المرشد الحالي الذي انحاز لموقف قادة الحرس، الذين يرون عدم جدوى أي مفاوضات مع واشنطن حالياً.

وحسب المصدر، كان هناك نقطة خلافية أخرى، تمثلت في أن روحاني طلب من خامنئي تبرئة ذمة الحكومة من قضية إسقاط الطائرة الأوكرانية، وتحمل المسؤولية كقائد عام للقوات المسلحة والاعتذار بالنيابة عنها، إلا أن المرشد رفض ذلك أيضاً، وأصر على أن التحقيقات في بدايتها، ولم تصل إلى نتيجة نهائية، مدافعاً عن «الحرس».

وأوضح أن الخلافات تضمنت قضية التعامل مع الاحتجاجات الداخلية، إذ طلب الرئيس من المرشد إصدار أمر بتخصيص أماكن للتظاهرات كما ينص الدستور؛ كي تستطيع وزارة الداخلية تقنين الساحات وحمايتها للإيرانيين لإبداء الرأي، لكن المرشد قرر التهوين من التظاهرات خلال خطبته.

وأضاف أن أهم المشادات كانت حول قيام مجلس صيانة الدستور بإقصاء عدد كبير من مرشحي التيار الإصلاحي والمعتدلين، لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، الأمر الذي يؤدي إلى حصر المنافسة بدائرة صغيرة من المتشددين، ومَن كانوا أعضاء بـ «الحرس الثوري»، حيث دعا روحاني المرشد لإعلان ضرورة قيام المجلس بإعادة الجميع إلى المنافسة باستثناء من ثبتت عليهم أحكام إدانة قضائية قطعية.

وبيّن المصدر أن أحد الأمور التي أغضبت روحاني كان إعلان المرشد أن عناصر «فيلق القدس»، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحرس الثوري، «مقاتلون بلا حدود»، في خطوة رأى الرئيس أنها ستجلب تبعات سياسية دولية تتحملها حكومته. وكان خامنئي يجدد بذلك التزامه بمبدأ تصدير الثورة، فيما بدا رداً على دعوات دولية لإيران بأن تكون دولة طبيعية وتوقف تدخلاتها في الإقليم.

ولفت إلى أن المرشد وعد روحاني في وقت سابق بأن يعلن دعمه لحكومته بشكل قاطع في كلمته مثلما حدث بالنسبة إلى الحكومات السابقة في أزمات داخلية، لكنه لم يفعل.

وأشار المصدر إلى أن «المداح الذي كان يقوم بتلاوة الخطابات، من جانب مجلس تنسيق صلاة الجمعة الخاضع لإشراف المرشد، أنشد أبياتاً من الشعر تحمل إهانات لرئيس الجمهورية، وقام الحضور بترديد شعارات ضد حكومته، الأمر الذي أدى إلى انفعال روحاني وخروجه فور انتهاء الصلاة» على النحو الذي رصدته الكاميرات.

وكان مجلس صيانة الدستور أقصى 5 آلاف مرشح للانتخابات النيابية بسبب عدم ثبوت ولائهم للولي الفقيه والنظام، في حين أن الدستور لا ينص على الحاجة إلى ذلك كما هي الحال بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة. كما استبعد المجلس نحو 90 نائباً، يشغلون مقاعد بـ «الشورى» حالياً، متذرعاً بأسباب تتعلق بـ«الفساد المالي» دون سند قانوني أو قضائي.