بين الحين والآخر تأتي الأخبار المصورة بصور مؤلمة ويؤسف لها عن الاضطهاد الذي يواجهه المسلمون في بعض الدول، ومن ذلك ما جرى في ميانمار بورما سابقا من أعمال عنف وتقتيل وتهجير للآلاف من المسلمين العزل، وحرق البيوت وتخريب ممتلكاتهم، ومطاردتهم حتى خارج الحدود ولجوئهم لدول مجاورة.

ولقد استاء البعض في العالم من هذا الاضطهاد الذي تعرض له المسلمون هناك، وطالب بعض المهتمين بحقوق الإنسان بأن تسحب جائزة نوبل للسلام الممنوحة لزعيمة المعارضة البورمية "أون سان سوتشي" التي عارضت حكم العسكر في بلادها، ودافعت عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكنها لم تحرك ساكناً إزاء المجازر التي تعرض لها المسلمون في بلادها من قتل وتخريب ممتلكاتهم وطردهم خارج الحدود.

Ad

وفي الصين يواجه المسلمون الإيغور مضايقات في بلادهم رغم أن السلطات الصينية تنفي أن يكون مسلمو الإيغور يتعرضون للاضطهاد، وفي الهند الدولة الآسيوية المجاورة للصين هي الأخرى تقوم بتصرفات ضد الديانة الإسلامية، وذلك عندما أقر البرلمان الهندي قانوناً يسمح بإعطاء الجنسية لكل لاجئ من أي ديانة باستثناء الديانة الإسلامية، علماً أن الهند تعتبر أنها دولة علمانية لا تفرق بين الأديان، ولكن ما حصل عكس ذلك، وهذه الأمور أدت إلى قيام المسلمين الهنود بالاحتجاجات والمظاهرات للتعبير عن رفضهم هذا القانون والتنديد بالتفريق بين الديانات.

الغريب أن بعض الدول يطلق عليها أنها علمانية، أي أنها تؤمن بفصل الدين عن الدول، أي أن الديانات متساوية في المعاملة، ولكنها في المناسبات الدينية تحتفل بأعياد أصحاب الديانة الأكبر في بلدها، وتعتبر أعيادها عطلة رسمية، أما أعياد الديانات الأخرى فلا يتم إعطاء أتباعها هذه الميزة.

ومن مظاهر اضطهاد المسلمين تلك السياسة التي تتبعها وسائل الإعلام في بعض الدول التي تصور الإسلام بصورة غير حقيقية، وتشوه مبادئ الإسلام الحنيف، أو ما يطلق عليه في الغرب الإسلامفوبيا، فإذا وقع عمل إجرامي وكان أحد الأطراف يدين بالإسلام فإنه يطلق عليه صفة الإرهابي الإسلامي، حتى لو كان يحمل جنسية تلك الدولة، فالتركيز يكون على الديانة وليس الجنسية، أما إذا قام شخص بذلك الإجرام وينتمي إلى ديانة غير الإسلام فيقال إنه مختل عقليا ولا تذكر ديانته.

فواجب على الدول الإسلامية بمنظماتها أن تساند هؤلاء المضطهدين المسلمين في بلادهم، وتعمل على تبيان حقيقة الدين الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الإرهاب، ويحث على المحبة والتسامح بين الديانات والشعوب دون تفرقة، وأن تبين للعالم أن الإرهاب ليس له دين معين ولا جنسية ولا لون.

وبما أن بعض المسلمين يرتكبون أخطاء في البلاد التي هاجروا إليها وحملوا جنسيتها وشوه بعضهم صورة الإسلام الحنيف وتعاليمه السمحة، فعليهم احترام الديانات الأخرى وقوانين هذه الدول وتقاليدها، والشيء بالشيء يذكر فإن مواقف بعض الدول غير الإسلامية تحترم المسلمين وتحترم مشاعرهم، ولهم حقوق مساوية لحقوق أتباع الديانات الأخرى.

كلنا نتذكر ما حدث، على سبيل المثال، رد فعل الشعب والحكومة في نيوزيلاندا عندما حصلت مجزرة للمسلمين في أحد المساجد في نيوزيلاندا راح ضحيتها عدد كبير من المصلين، بادرت الحكومة النيوزلندية وعلى رأسها رئيسة الوزراء بزيارة موقع الحدث، وعبرت عن تضامنها مع المسلمين، وكذلك فعل الكثير من المواطنين النيوزيلنديين، وعبروا عن مشاعرهم الطيبة تجاه ما حدث، وأُعلن الحداد الرسمي هناك.

كان لهذا التصرف الإنساني الرائع من جانب الشعب النيوزلندي الذي لا يدين بالإسلام أثره الطيب في نفوس ومشاعر المسلمين في العالم، فواجب على الدول الإسلامية أن تتخذ مواقف أكثر صلابة تجاه كل من يضطهد المسلمين، وتشكر كل من يحترمهم ويحترم الإسلام.