حكم السلطان قابوس بن سعيد سلطنة عمان وهي غارقة في الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والأمنية، والكثير من العمانيين كانوا مهجرين أو شبه مهجرين داخل عمان وخارجها.

كانت عمان قبل عام ١٩٧٠ بدائية في التعليم، ولا يوجد فيها مدارس نظامية تقدم التعليم الحديث لأبناء عمان، ويندر فيها المنشآت الصحية أو تكاد تنعدم، ومدنها وقراها متناثرة، ولا تكاد طرق أو وسائل مواصلات جيدة وحديثة تجمع بينها، وغيرها الكثير من نواقص مقومات الحياة الحديثة لشعب يعيش في أواخر القرن العشرين عصر الطيران والإلكترونيات وأجهزة الكمبيوترات والإعلام المرئي.

Ad

وقد لا تصدق أن هذا الانغلاق عن العالم الخارجي والتخلف عن ركب الحضارة وجد في أعرق شعب، وهو الشعب العماني المتجذر في علاقاته التاريخية منذ آلاف السنين، وكان يطلق على دولتهم أيّام الحضارة السومرية "مُجان" وكانوا يصدرون النحاس الى بلاد الرافدين قديماً، واتسعت رقعة الإمبراطورية العمانية لتشمل سواحل خليج عمان على شاطئيه وسواحل امتدت على طول الساحل الشرقي لإفريقيا وصولًا إلى مدغشقر الحالية ومنها سلطنة زنجبار.

وبداية من ٢٣ يوليو ١٩٧٠ وبعد استلامه زمام الأمور في سلطنة عمان وحد السلطان قابوس السلطنة بكل أقاليمها وولاياتها تحت اسم واحد وهو سلطنة عمان، وطوّر واستحدث علماً جديدا يوحد كل العمانيين، واستحدث القوانين والمؤسسات لخدمة العمانيين وتنظيم سائر أمور معيشتهم.

وأنهى القلاقل في ظفار، وأعاد لها الأمن والاستقرار بعد أن عاثت فيها التدخلات الخارجية، وعفا عن كل من أخطأ وخرج عن النظام ليفتح باب المصالحة الوطنية وبدء حياة خالية من الخصومات السياسية السابقة.

حرص السلطان قابوس على السلام والوئام بين الشعب العماني وغيره من شعوب تجاوره أو توجد في إقليم الشرق الأوسط المليء بالنزاعات والصراعات التي تستنزف الجهود للنهوض والاستقرار.

وحققت عمان في عهده العديد من القفزات، فقد أظهر آخر تقرير للتنافسية العالمي لعام ٢٠١٩ أن عمان في المركز الأول دولياً في انعدام الإرهاب، والمركز السادس في الأمن والأمان، والمركز الثامن في مهارات القوى العاملة المستقبلية، والمركز العاشر في جودة الطرق وغيرها من مراكز متقدمة عالميًا. وتوج السلطان الراحل قابوس بن سعيد هذه السياسة الدولية المتوازنة والحكيمة بالوقوف مع محنة الكويت وفتح أرض السلطنة لاستضافة الكويتيين، وإرسال قوات عمانية لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم. وامتد حرص السلطان قابوس بن سعيد على وحدة ونهضة واستقرار عمان حتى في مماته عندما وضع النظام الأساسي للحكم الذي نص على قيام الأسرة الحاكمة في اختيار سلطان جديد يخلفه خلال ٣ أيام أو يثبت الاسم الذي وضعه في وصيته، وهذا ما قامت به الأسرة الحاكمة اعترافاً بجميل السلطان قابوس، وتقديراً لما قام به في نهضة عمان الحديثة وثقة باختياره بتسمية السلطان الجديد لسلطنة عمان، حيث توحدت الأسرة المالكة وعمان خلفه حياً وميتاً متجهين إلى استمرار النهضة العمانية الرشيدة والاستقرار للشعب العماني الشقيق.

رحم الله السلطان قابوس بن سعيد موحد عمان وباني نهضتها، وأعز ونصر السلطان هيثم بن طارق آل سعيد.