من عادة السادة أعضاء مجلس الأمة التريث وإعطاء فرصة للوزراء الجدد فسحة من الوقت لإعادة ترتيب أمورهم، ومن ثم تبدأ محاسبتهم على الأعمال التي وقعت أثناء فترة توليهم لشؤون الوزارة، أو تلك التي لها امتدادات سابقة لم يقوموا بمعالجتها، وإن كانت ليست قاعدة، ومنها على سبيل المثال استجواب النائب السابق مسلم البراك لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد على خلفية إعلانات المرشحين.

الدكتور عادل الدمخي قدم استجوابه للوزيرة غدير أسيري بعد جلسة القسم، ومن محور واحد يتعلق "بالإخلال بمبدأ التعاون بين السلطات والحنث في القسم الدستوري"، لا أعلم مدى دستورية هذا الاستجواب لكن الخوف من تحوله إلى مادة للتراشق الطائفي وعنتريات الخاسر فيها هو الوطن!

Ad

على فرض نجاح الاستجواب وحصل على العدد المطلوب لطرح الثقة بالوزيرة غدير، يظل هناك سؤال قائم حول الفائدة منه، وهل بهذا الاستجواب سيتم القضاء على ملفات الفساد ومعاقبة الفاسدين الإدارية، وإيجاد الحلول لمشكلة التركيبة السكانية وملف البدون والقروض والشهادات الوهمية والمزورة، وتعثر المشاريع التنموية المرتبطة برؤية الكويت 2035 وتراجع مؤشرات الأداء؟

السادة أعضاء المجلس لديكم من صداع الرأس ما يكفيكم والوزراء أمامكم، فهم قبلوا العمل بوزارة ليس أمامها من الوقت الكثير، ولديهم من الملفات التي عليهم معالجتها، ولديكم ما يكفي من كتابة عشرات الاستجوابات بدل هذا الاستجواب إن لم يقوموا بإصلاحات جادة خلال ما تبقى لهم من عمر المجلس.

الأحداث الإقليمية هذه المرة أشد وأخطر على المنطقة، والعالم يحذر من تبعات حرب قد تقوم بأي لحظة، والبعض منا يعتقد أنها نزهة رغم معرفته بقدرة الطرفين الأميركي والإيراني على المواجهة المباشرة، وخلق دمار غير مسبوق، والبعض منا يصطف ويزايد أكثر من طرفي النزاع، بل يصر على نقله إلى الداخل واللعب بورقة الولاء الوطني.

ما أشبه اليوم بالبارحة، وما أحداث الربيع العربي بعيدة عن الذاكرة، حيث انقسم فيها الشارع العربي بين معارض ومشارك في صناعة تلك الأحداث، والكويت لم تكن مستثناة من هذه الأحداث، فهناك من أيدها ونذر نفسه وماله لها، وهناك من رفضها، وهناك من وقف على الحياد من منطلقات طائفية وحقوقية، وفِي المقابل أخذت الحكومة الكويتية مبدأ الحياد واحترام إرادة الشعوب، لكنها أيضاً لم تكن حاسمة، حيث تركت الساحة لبعض الناشطين بالتعبير عن آرائهم، والتي تجاوز بعضها حدود عدم التدخل في شؤون الآخرين، فكانت حملات جمع التبرعات والسلاح تجري على قدم وساق، بل إن هناك من انضم إلى العمل الميداني وجماعات تكفيرية ارتكبت أبشع الجرائم.

لنا في سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد قدوة حسنة، فهو حذر في أكثر من مناسبة عن أهمية تماسك الجبهة الداخلية، وأن حب الكويت والولاء لترابها أمر لا يقبل القسمة على اثنين، والكويت كانت، وإن شاء الله ستبقى، بلداً للتعايش السلمي بين كل مكوناته، ومن يرد التكسب على هذه الأرض فقد أخطأ بالعنوان.

ودمتم سالمين.