يخطئ من يعتقد أن الكاتب والكتاب في منأى عن سوق الناشر. ويخطئ أيضاً من يطالب الكاتب بأن يكون مدركاً لأصول صنعته وملماً بما يتصل بها فكراً وإبداعاً، دون أن يخصّ الناشر بالطلب نفسه، بضرورة إدراكه لأصول صنعة النشر المتجذرة عبر امتداد التاريخ البشري، والمتجددة دائماً. وأخيراً؛ مخطئ من يعتقد بقدرة الكاتب على ترويج نتاجه الإبداعي وحده، دون تعاون مباشر وكبير من الناشر.

عام جديد على الأبواب، وهي الأمنية الأهم؛ بأن يسود السلام والحرية والديمقراطية والمحبة أرجاء الوطن العربي الغالي والعالم، وأن يتوقف سيل دماء زكية يومي وبالمجان. عام جديد على الأبواب، ونتمنى أن يكون عاماً مختلفاً للناشر العربي. فأقطارنا العربية، بالرغم من كل الظروف الصعبة، باتت تعيش علاقة متفاعلة ومتجددة وسريعة مع الكتاب والقراءة. فربما قبل عقد من الزمن كان يصح القول: بعلو كعب الرواية، لكن المتأمل لحال سوق الكتاب العربي اليوم، يجد دون كثير عناء: المجاميع القصصية، ودواوين الشعر، وكتب تنمية الذات، وتحديداً المترجَم منها، إلى جانب كتب كثيرة في شتى اهتمامات الإنسان. لذا، فإن وضع الكتاب العربي الجديد والمتفاعل والمتفائل والعصري، يتطلب بالضرورة ما يتماشى معه بالنسبة للناشر العربي.

Ad

ما زال عدد كبير من الناشرين العرب، يتخذون من دور النشر تجارة رابحة، وليس من أحد ضد هذا التوجه. ولكن طبيعة الكتاب واتصاله بالفكر والإبداع والثقافة وحياة الإنسان، يوجب على الناشر العربي أن يكون مخلصاً لعمله وحريصاً على أن يقدم خدمته على أفضل وجه، وأن يكون منتمياً للحظة الزمن الراهنة وبكل ما دخل على عالم النشر من تطورات هائلة، خاصة أن عدداً كبيراً، وكبيراً جداً من الناشرين، في جميع الأقطار العربية، يتقاضى مبالغ كبيرة من الكاتب مقابل طباعة كتابه. ولأن الوضع كذلك، فإن الناشر مطالب بأقل القليل المتمثل بما يلي:

1- إجراء التصحيح اللغوي المطلوب على مادة الكتاب من حيث الإملاء والقواعد وإشارات التنقيط.

2- تمرير الكتاب على لجنة قراءة متخصصة (ثلاثة أشخاص أو شخصين) للتأكد من أن الكتاب يلتزم في متنه بالشروط الأساسية لأي جنس أدبي. فلا يصح عنونة الكتاب وتجنيسه بأي جنس أدبي، بينما المحتوى في بعد وشطط عن التجنيس.

3- ضرورة إقدام لجنة القراءة على توصيل توصياتها للكاتب لإجراء التصحيحات المطلوبة، وعلى الأخص حذف ما لا داعي لوجوده. فلقد بات الكتاب العربي الأدبي، وتحديداً في جنس الرواية، يشكو من سمنة مرضية لافتة ومُنفّرة.

4- ضرورة وجود وحدة لتصميم الأغلفة لدى الناشر العربي، فكثير من أغلفة الأعمال الأدبية لا تراعي أبداً طبيعة مادة الكتاب.

5- ضرورة وجود موقع إلكتروني لكل ناشر يعرض من خلاله جميع إصدارات الكتب لديه.

6- ضرورة قيام الناشر بخطوات ضرورية لتصدير الكتاب للدعاية والإعلان، وعمل اللازم في إيصال نسخ من الكتاب، لمسؤولي الصفحات الثقافية، وتسهيل مهمة وصول الكاتب إلى الجامعات والمعاهد والمكتبات الكبيرة لعمل محاضرات له لعرض الكتاب.

7- الالتزام بدفع مستحقات الكاتب الدورية، وذلك عبر تقديم كشوفات تبين حركة الكتاب، فكثير من الناشرين تنتهي علاقتهم بالكاتب بمجرد صدور الكتاب، وكثير جداً من الكتّاب العرب لا يعرفون عدد النسخ التي بيعت من كتبهم.

النقاط السابقة هي العناصر الضرورية التي بات مُلحاً توفرها في علاقة الناشر بالكاتب، وبات ضرورياً وجودها بالنظر إلى مستوى بعض الكتب العربية المخجلة: صفاً، ولغةً، وتصميماً، وإخراجاً، خاصة مع وجود إقبالٍ كبيرِ في معارض الكتب العربية، وبما يعني قيام علاقة بين الكتاب والقارئ، وهذا يستوجب تقديم الكتاب العربي في أفضل حلة.

للجميع عام جديد مليء بالخير والسلام والنجاح.