قالت دراسة أجرتها صحيفة وول ستريت جورنال، شملت 13 مصرفاً استثمارياً، إن محللين يتوقعون هبوطاً في أسعار النفط في العام المقبل، بعد فشل خفض إنتاج منظمة أوبك في تحقيق تحسين ملموس في سعر الخام.

ووفق تلك التوقعات سوف يبلغ متوسط سعر نفط برنت 61.23 دولارا للبرميل في الربع الأول من عام 2020، وهو رقم لا يختلف كثيراً عن معدل الشهر الماضي، رغم خفض مزيد من إنتاج «أوبك».

Ad

ويواكب هذا التطور تركيز الصين – وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم– على استهلاك الفحم بقدر أكبر، نتيجة قلقها إزاء الاعتماد على استيراد النفط والغاز، لكنها تسعى أيضاً إلى تحسين الإنتاج المحلي من الفحم، ما يعني احتمال هبوط مستورداته بنسبة 8 في المئة بالعام المقبل.

ويقول محلل في وكالة بلومبرغ إن الإمدادات الجديدة سوف تفضي إلى تخمة في الفحم، الذي عاودت الصين استهلاكه بمعدلات قياسية بعد هبوطه في السنوات القليلة الماضية.

وثمة سؤال يطرح بقوة في خضم هذه الأجواء، وهو: كيف سيكون العقد المقبل بالنسبة لتطورات أوضاع النفط والغاز في العالم؟ ويرى خبراء الطاقة أن أسواق النفط العالمية شهدت شريحة من المعالم اللافتة في هذه السنة رددت أصداء قصة العقد الماضي، التي تظهر أن العالم قد تحوَّل من الضيق في الإمداد إلى الوفرة.

والصورة التي ميزت تطورات عام 2019 لم تكن حجمها الكبير فقط، بل ضعف تأثيرها على صناعة النفط، ومدى لامبالاة المستثمرين إزاء الفرص التي طرحتها، كما أظهرت أن ثورة النفط الصخري والغاز في الولايات المتحدة حوَّلت ذلك البلد إلى جهة مصدرة للخام.

وأبرزت تلك التطورات أيضاً حدوث نقطة تحول قد تفضي إلى سنوات من الوفرة النفطية – وللمرة الأولى تحدثت المؤسسة القيادية للطاقة عن احتمال تقلص الطلب على النفط في العام المقبل، كما «كانت السنة الأولى التي بدأت شركات السيارات والكثير من المحللين بالحديث عن تراجع التوقعات المتعلقة بالطلب على النفط»، وفق إيمي جاف من مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك.

في غضون ذلك، أدت هجمات الحوثيين على منشأة نفطية سعودية في سبتمبر الماضي إلى حرمان المملكة، مؤقتاً، من تصدير 5.7 ملايين برميل من الخام في اليوم، وخلقت أزمة كانت صناعة النفط تخشاها منذ عقود طويلة، وربما كانت تفضي إلى ارتفاع طويل في الأسعار.

ورغم التحسن، الذي بلغ 19 في المئة في أعقاب تلك الهجمات، غير أن تلك الفورة اختفت بعد أسبوعين فقط.

ولم تحقق جهود منظمة أوبك، من خلال خفض الإنتاج لمرتين في عام واحد، إلى رفع أسعار النفط إلى المستوى المنشود، وظلت معدلات التصدير أقل من المتوقع، بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على فنزويلا وإيران.

إلى ذلك، تمثل مصدر قلق منظمة أوبك الرئيسي في تطور صناعة النفط الصخري الأميركي، التي حولت ذلك البلد إلى أكبر منتج في العالم، ورفعت مستوى الإنتاج إلى نحو 13 مليون برميل يومياً في هذه السنة.

وحتى مع ظهور البعض من مؤشرات التباطؤ في مستويات ازدهار النفط الصخري، فإن الإنتاج من مواقع كانت تعتبر في طريقها إلى التوقف، بسبب هبوط الأسعار – مثل البرازيل والنرويج – عادت إلى الحياة من جديد.

ويبرز في هذا السياق التبرير الذي طرحه الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، لتوضيح الهدوء الذي يسود أسواق النفط العالمية، بقوله: «رغم التوترات الجيوسياسية الكبرى حول العالم، ظلت أسواق النفط هادئة بصورة مثيرة للدهشة، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى كميات الإمداد الكبيرة من الخام التي تتدفق على الأسواق من الولايات المتحدة عن طريق ثورة النفط الصخري، ومن الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك».

ولم يقتصر هذا التحول على جانب الإمداد في السوق، لأن وكالة الطاقة الدولية التي توقعت طوال سنوات أن يزداد الطلب على النفط في المستقبل المنظور تنبأت في الشهر الماضي بأن يستقر الطلب مع بداية العقد المقبل، مدفوعاً بالجهود الرامية إلى تفادي تداعيات تغير المناخ والتحول إلى محركات سيارات اقتصادية وإلى التوجه نحو السيارات الكهربائية.