جملة من المعلومات نتمنى أن تصل إلى المواطن العادي، حتى لا يتم استغلاله أو يستخدم كسلّم يصعد على كتفه بعض أعضاء مجلس الأمة، خصوصاً في قضية حساسة ومهمة مثل الجنسية الكويتية، ومع تقديرنا للجهود المخلصة التي يبذلها القلة القليلة من النواب أو الغيارى من الناس للوصول إلى الحقيقة في هذا الملف أو غيره من الملفات المليئة بالألغاز والفساد، إلا أن الآلية التي تم اتباعها في مجلس الأمة من خلال تشكيل لجنة تحقيق قد جانبها الصواب، ولحسن الحظ لم تنجح، مما يجعل النواب أمام امتحان حقيقي لإثبات صدقهم ومصداقيتهم في هذا الصدد.

يفترض بداية أن نفهم أن الأجهزة المسؤولة عن ملف الجنسية متعددة وكثيرة، ومنها لجان الجنسية في بداية الستينيات من القرن الماضي، والإدارة العامة للجنسية، وإدارة الأدلة الجنائية، وإدارة الشؤون القانونية بوزارة الداخلية، ولجان التحقيق في وزارة الداخلية، واللجنة العليا للجنسية في مجلس الوزراء، وكلها تابعة لوزير الداخلية أو لمجلس الوزراء.

Ad

إضافة إلى ذلك، يفترض أن نفهم أن كل شهادة جنسية لكل مواطن لها ملف وجميع هذه الملفات تحمل توقيع وزير الداخلية، كما يجب أن نفهم بأن وزراء الداخلية منذ الاستقلال وحتى الأسبوع الماضي هم من أسرة الحكم، وبدون توقيعهم يستحيل صرف أية وثيقة للجنسية الكويتية سواءً كانت بالتأسيس أو بالتجنّس، وبناءً عليه فإن أي قصور أو تزوير أو فساد محتمل تتحمله وزارة الداخلية والمسؤول الأول على رأسها فقط.

لا ننكر وجود شبهات في ملفات الجنسية، فالفساد في البلد بات سمة بارزة في كل صغيرة وكبيرة، ولكن الترويج لقرابة نصف مليون جنسية مزورة إما ضرب من الخيال أو الوهم أو أنها إثارة متعمدة لخلق فتنة في البلد ومجرد شعار انتخابي لنواب أثبتوا فشلهم في كل شيء، ولم يعودوا يملكون أية ورقة انتخابية سوى اللعب على وتر عواطف الناس والظهور بمظهر البطل الوطني، وما يؤكد هذا الأمر الانتفاضة الشبيهة بصحوة الموت في أواخر عمر المجلس المنبوذ شعبياً على نطاق واسع جداً.

فبالله عليكم هل المجلس الحالي الذي تقاعس إلى درجة الإذلال عن دوره في كل ملفات الفساد والفشل والتخلف، يؤتمن على بحث ملفات نصف مليون كويتي؟ وهل يثق الشعب الكويتي بأن هذا المجلس المزوّر أصلاً لإرادة الناس ونقل أصواتهم وشرائها بالمال أو المعاملات أو الفزعة جدير بتحقيق عادل ومنصف وأمين؟ وكم من النواب الذين صوّتوا لصالح تشكيل اللجنة قدموا أسئلة برلمانية أو اقتراحات بقوانين لضمان العدالة والاستحقاق في ملف المواطنة الكويتية؟

الأهم من ذلك، كيف نفسّر امتناع تصويت الحكومة الجديدة والمطالبة بمحاربة الفساد على هذا المقترح المؤيد من عدد كبير من الموالين لها إلا من باب "حط حيلهم بينهم" وترك النواب والناس يأكلون ببعضهم في موضوع جدلي لم ولن يحسم، ويستغل فقط لصب الزيت على نار هذه الفتنة.

مصداقية المتحمسين لهذا الملف لا تثبت إلا بالجرأة على تقديم أسئلة برلمانية محددة وواضحة طالما ملفات التزوير بحوزتهم ثم اللجوء إلى استجواب الوزير المختص أو الحكومة مجتمعة تبياناً للحقيقة أمام الشعب الكويتي، وما عدا ذلك فهو مجرد ضحك "مزوّر" على الذقون!