عندي اقتناع متفق عليه بين قلبي وعقلي بأنه لو خيرنا المليون مواطن حول التشكيل الحكومي لخرجنا بمليون تشكيل مختلف، ولهذا يبقى عدم الرضا الشعبي عن أي حكومة جديدة أمراً مفهوماً، فالرضا العام هنا عن التشكيلات غاية لا تدرك.

ولكن يمكن تجاوز هذه النقطة عبر العمل على بناء أساسات ثقة صلبة يستند إليها سقف التوقعات مستقبلا، وهذا لن يكون إلا وفق خطة واضحة وواقعية للحكومة الجديدة، خطة تلامس هموم المواطنين الفعلية، وتبتعد عن الأداء الأوبرالي الصاخب الذي يتسيد ساحات الإعلام والسوشيال ميديا، فألف أوبريت في كفة لن تزن مشروعا صغيرا يشعر المواطن بآثاره في حياته اليومية، ومليون مؤتمر لن يسد خانة قانون يسهل ويسرع معاملات المواطنين في دوائر الدولة، و١٠٠ بيت توزع بشكل حقيقي أفضل من ألف بيت لقصيدة شعر وهمي يتبعها عشرات الغاوين في سوق عكاظ الإنجازات الوهمية، وفكرة واحدة ألمعية خارج صندوق الزحمة المرورية التي تسيطر على شوارعنا، كتنظيم مواعيد الدوامات كحل مؤقت، وتحديد المسارات لفترات معينة وغيرها، ستنفع المواطن أكثر من الدخول في متاهة ١٠٠ صندوق بندورا للبيروقراطية والترقيع المستمر الذي تعودنا أن يُفتح بيد مسؤول ما لتخرج منه كل شرور التأخير والتزاحم، وخيبة الأمل بكرة وعشيا وكبح جماح الغلاء ولجم التضخم الهادر ستسعد المواطن أكثر من ألف نكتة يقرؤها في مانشيتات الصباح والمساء عن التنمية والتطور ومحاربة الفساد والوصول إلى القمر.

Ad

كل ما سبق وغيره كثير قد يعتبره البعض أموراً خفيفة كمّاً لكنها حتما ثقيلة كيفاً، وستجعل الرضا ملازما لشعور المواطن، وإن كان الدستور قد حدد مفهوم حكومة العاجل من الأمور، فالواقع يفرض على الحكومة الجديدة أن تكون حكومة العاقل من الأمور، فاعقلوها وتوكلوا.