يكثر المرتزقة المغردون في بلدنا كما يكثر الجهلة الذين لا يدركون تأثير ما يكتبون على أنفسهم وعلى المجتمع، حتى أصبحت وسائل الاتصال أداة للتآكل الاجتماعي والسياسي، وصرنا جميعا تحت رحمة نظام مزدهر تصرف عليه أموال طائلة لهدم فرد أو عائلة أو مجموعة من الناس، لا تتفق في الرأي مع رئيس هؤلاء المرتزقة.

وفي مجتمع ينفق على النوم والترفيه والأكل أكثر مما ينفق على الثقافة والإنتاج فإنه يصبح أرضا خصبة لكل من يريد تخريبه أو استفزازه أو إثارته ضد أفراد أو جماعات، ومع كل التحذيرات من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن نجاح المغردين المرتزقة والجهلة فاق كل حدود.

Ad

وقد استطاعوا أن يثيروا الأحقاد لدرجة مست العلاقات العائلية، فكثرة التركيز على شخص معين وتضخيمه وتحميله كل السيئات جعل الكل متحفزاً ومستعداً لتقبل أي قصة مختلقة، وأي زيف أو ادعاء ضده، وكان لأفراد معينين حصة الأسد من هذه المؤامرة، والكل يعرف من وراء هذا الهجوم المتواصل وأسبابه وغاياته، لكن الغالبية اندمجت في حب الفضائح والحصول على مخرج لكمية الإحباط الذي نعيشه، وتحميل هذا الفرد أو ذاك أسباب الإحباط، متجاهلين الأسباب الحقيقة، فالممول لهؤلاء المغردين يضرب بهؤلاء الأفراد لإيصال رسالة إلى أناس غيرهم لا يستطيع الوصول إليهم.

النتيجة جريمة بحق المجتمع وبحق الوطن، ولكن الممولين لا يهمهم أن يحترق الجميع وأن يتقاتل الأفراد والعائلات والجماعات، فحقدهم يقودهم إلى المزيد من افتعال الأزمات وضرب الناس ببعضها.

لا أريد أن يصدر أي إجراء يمنع الناس من التعبير عن آرائهم، لكن أتمنى لو تشكل مجموعات رصد للمسيئين لحرية الرأي والتعبير، فما يفعله هؤلاء المرتزقة هو نوع من أعمال الطابور الخامس، وهو عمل مجرم ومحرم، ومجموعات الرصد يمكن أن تبين من وراء الاتجاهات التي تعمل على التخريب، وأن تفضحهم وتفضح مصادرهم، ومن يمولهم وأسباب الحملات التي يقومون بها.

فلا بد من تبيان حقيقة ما يجري وإلا فإننا سنجد أنفسنا نتحارب بدون أن نعرف لماذا، وكيف وصلنا إلى هذا الحد، وإن كشف هؤلاء ليس بصعب، فبعض هذه الحسابات تحمل أسماء تنم عن أصحابها وبعضها تتبع نهجا واحداً أو تهاجم فرداً واحداً ومن السهل معرفة من يكون وراءها وأهدافه.

التلفيق والتزوير أصبحا سهلين في أنظمة التواصل، ولذلك علينا أن نحذر وندقق في كل صورة أو خبر، ولو امتنعنا عن إعادة إرسال ما يصلنا ما دام فيه فتنة وضرر على آخرين فسيكون هذا أمراً قاتلاً للمتآمرين علينا، وما دامت الرسالة لها طابع الفتنة فيجب أن نوقفها عند هذا الحد ولا نساهم في انتشارها.