عشية انتهاء المهلة الدستورية الممنوحة للرئيس العراقي برهم صالح لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، أو أن يتولى هو المنصب، تخوض الكتل السياسية مفاوضات اللحظة الأخيرة لتسمية مرشح جديد لتشكيل الحكومة الانتقالية، عقب استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي مطلع ديسمبر الجاري.

وفي مؤشر حول احتمال إخفاق الرئاسة في تقديم المرشح في الوقت المحدد، ذكرت تقارير حكومية أن "مهلة تقديم المرشح ربما يتم تمديدها إلى الأحد المقبل"، مشيرة إلى أن المباحثات لا تزال جارية لاختيار خليفة عبدالمهدي دون التوصل إلى اتفاق.

Ad

وأوضحت التقارير أن "تمديد المهلة سيعتمد على احتساب مدتها من تاريخ إرسال استقالة رئيس الوزراء إلى مكتب رئيس الجمهورية، لا من تاريخ إعلانها في البرلمان، وهو ما سيسمح بتمديد المهلة المحددة بـ15 يوما حتى الأحد المقبل". وأعلن عبدالمهدي استقالته في الأول من الشهر الجاري، لكن مكتب صالح الاستقالة تسلّم في الرابع منه، مما يعني أن مهلة الـ 15 يوماً لتكليف رئيس جديد للحكومة ستنتهي في 19 الجاري، لكن ستؤجل إلى الأحد بسبب العطلة الأسبوعية.

ونقلت التقارير عن النائب ديلان غفور إقرارها بصعوبة اختيار شخصية معيّنة لتولي زمام مسؤولية رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، بعد دخول الاحتجاجات الدامية كعنصر ضغط إضافي على مفاوضات الكتل السياسية.

المهندس والبارزاني

في السياق، علمت "الجريدة" أن زعيم "منظمة بدر" هادي العامري الذي يترأس "كتلة الفتح"، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبومهدي المهندس، زارا أربيل في محاولة لإقناع زعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود البارزاني بتأييد مرشحهم لرئاسة الوزراء، لكن الأخير رفض الموافقة على أي اسم لا ينال قبول "الحراك الشعبي".

السوداني أو الكاظمي

وبعد احتراق اسم وزير النفط السابق إبراهيم بحر العلوم لخلافة عبدالمهدي، تتضارب الأنباء حول استبعاد اسم النائب محمد السوداني من عدمه. ورفض المتظاهرون اسم السوداني الذي رشّحه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي والعامري. وتداولت أوساط متعددة حالياً اسم مصطفى الكاظمي، رئيس جهاز الاستخبارات، كخيار جدّي يمكن أن يحظى بإجماع محلي، خصوصا أنه ينال قبولا لدى راعي كتلة "سائرون" النيابية رجل الدين البارز مقتدى الصدر، والمرجعية العليا في النجف السيد علي السيستاني، ولا يعتبر مستفزا لإيران ولا مقربا منها.

من جهته، دعا زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي رئيس الجمهورية إلى أن تكون الحكومة المقبلة حكومة مصغرة ومؤقتة لا يتجاوز سقفها عاما واحدا وتهيئ لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة بقانون انتخابات جديد، على ألا يترشح أعضاؤها لخوض الانتخابات.

«سائرون» والنصر

وفي وقت سابق، رفضت "سائرون" تعيين أي رئيس للحكومة لا ينال موافقة المحتجين. وقال النائب عن التحالف، محمد الغزي: "إننا سنقف بالرفض بوجه أي مشروع لتنصيب شخصية حزبية، أو سبق أن تولت مسؤوليات رسمية، كما نرفض بشدة تمرير كل من لا تنطبق عليه شروط المتظاهرين".

وتابع: "باسمي وباسم سائرون أعلن أننا سنؤيد أي شخصية يتفق عليها المتظاهرون في ساحات التظاهر، وسنلتزم بذلك بالوقوف مع الكفوء المستقل النزيه".

في موازاة ذلك، دعت "كتلة النصر" البرلمانية بزعامة حيدر العبادي إلى "الالتزام بخريطة طريق واضحة وبسقوف زمنية محددة لإجراء التغيير بتنفيذ العدالة ومحاسبة الجناة، وحصر السلاح بيد الدولة، وتحرير الإرادة والقرار العراقي من أي تدخلات".

وأكدت أن "ائتلاف النصر" غير معني بسباق القوى السياسية لترشيح أي شخصية لموقع رئيس الوزراء.

ورأت أن المصلحة الوطنية تتطلب "حكومة مستقلة عن عقلية وإرادة الاستحواذ والمحاصصة الحزبية".

من جهة أخرى، كشف رئيس "تيار الحكمة" المعارض، عمار الحكيم، عن تقدّمه بخريطة طريق تضمن 3 نقاط لتلبية مطالب المتظاهرين، مؤكدا عدم وجود أي مرشح من قبل تياره الذي يدعم أي مرشح لرئاسة الحكومة "يتفق عليه العراقيون".

وفي حين تبحث الكتل والأحزاب عن مرشح من داخل البنية السياسية الحالية، فإن المتظاهرين يطلبون مرشحا مستقلا من خارج العملية السياسية، وهو ما يحظى بقبول وتأييد من المرجعية العليا والصدر.

في المقابل، فإن ساحات التظاهر في بغداد والمدن الأخرى رفضت بشكل قاطع أسماء جميع المرشحين لشغل المنصب الجديد من قبل الكتل والأحزاب، ودعت في بيانات تم تداولها في ساحات التظاهر إلى ترشح كلّ من الفريق الركن عبدالغني الأسدي، والفريق الركن عبدالوهاب الساعدي، والقاضي رحيم العكيلي، ود. سنان الشبيبي، والسياسي محمد علاوي.

في هذه الأثناء، تواصلت الاحتجاجات في يومها الـ52 ببغداد ومحافظات الوسط والجنوب. وأغلق متظاهرون، عدة طرق رئيسة في محافظات البصرة وذي قار والمثنى.

وبدأ ناشطون في فعاليات تتعلق بتحديد هوية المرشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، عبر تنظيم ندوات حوارية ورفع لافتات تقديم مرشحين مقبولين شعبيا، بينهم قادة عسكريون ساهموا بالنصر على "داعش" وقضاة عرفوا بمكافحتهم للفساد.

«الحشد» و«الوثبة»

وغداة تهديد أميركي صريح بتوجيه رد حاسم على أي هجوم إيراني يستهدف مصالح واشنطن بالعراق، أعرب عبدالمهدي، عن رفضه لقرار الخزانة الأميركية الذي أدرج أسماء شخصيات عراقية بـ "الحشد الشعبي" على قائمة العقوبات الأميركية، كما استنكر إهانة أعلام وصور لقادة دول صديقة، في إشارة إلى حرق صور الرئيسين الأميركي والعاهل السعودي وولي عهده في تظاهرات أنصار "عصائب أهل الحق" المعروفة بصلتها الوثيقة بطهران.

وحذّر من خلط أوراق يقود إلى ممارسات ونتائج خطيرة مضرة بالجميع، يصعب السيطرة عليها".

من جهة ثانية، أفادت وزارة الداخلية، أمس، بإلقاء القبض على خمسة متهمين بحادثة ساحة الوثبة التي شهدت التمثيل بجثة شخص وتعليقها على عمود إنارة بتهمة قتل متظاهرين.