قطعت "مجزرة مجهولة"، أسفرت عن مقتل 25 شخصا، في ساحة التحرير، وحادثة رمزية استهدفت فيها طائرة مسيرة "درون" منزل رجل الدين البارز، المؤيد للحركة الاحتجاجية، مقتدى الصدر، الهدوء النسبي الذي شهده العراق خلال 6 أيام، تزامنا مع إجراء الكتل السياسية مشاورات بهدف تسمية رئيس جديد للوزراء خلفا لعادل عبدالمهدي الذي قدم استقالته الأحد الماضي تحت ضغط التظاهرات المستمرة منذ أكتوبر الماضي.

وأعلن التيار الصدري أن طائرة مسيرة استهدفت فجر أمس، بقذيفة هاون، منزل الصدر في النجف، الذي أنزل عناصر "سرايا السلام" إلى الشارع لـ"حماية" المتظاهرين المناهضين للسلطة أمس.

Ad

وقال مصدر في التيار: "إن القذيفة سقطت عند الجدار الخارجي لمنزل الصدر، الذي يتواجد حالياً في إيران".

ونشر حساب صالح العراقي، المقرب من الصدر، عبر "تويتر"، تغريدة جاء فيها: "تعرضت الحنّانة لقصف من طائرة مسيرة؛ ردا على الأوامر التي صدرت من السيد الصدر للقبعات الزرقاء بسرايا السلام لحماية الثوار ليلة البارحة في بغداد والنجف"، وأعلن تأييده لمقترح تنظيم "تظاهرة مليونية عند منزل الصدر في منطقة الحنانة بالنجف".

ولاحقا أصدرت "سرايا السلام" بيانا أكدت فيه أن قصف الصدر "سابقة خطيرة"، وهددت بـ"رد لا يتوقعه أحد" في حال ثبوت تورط أي جهة بحادث الحنانة، مشيرة إلى أن "التحقيقات جارية".

تدفق وانتشار

وتدفق آلاف المحتجين المناوئين للحكومة والأحزاب الحاكمة، أمس، على ساحتي "التحرير" و"الخلاني"، وسط العاصمة بغداد، للانضمام إلى المعتصمين غداة إحراق جزء من مرآب "السنك" ومقتل 25 شخصا، 22 متظاهرا و3 من أفراد الأمن، على يد مسلحين ملثمين يستقلون سيارات رباعية الدفع اقتحموا "الخلاني" ليل الجمعة - السبت، وأطلقوا النار على المحتجين لساعات قبل أن يغادروها.

وبينما انتشرت قوات الجيش صباح أمس، في "الخلاني"، وصولاً إلى جسر السنك، بهدف تأمين الحماية للمتظاهرين، أغلق محتجون غاضبون، أمس، الطريق الرابط بين محافظة واسط ومنفذ مهران الحدودي البري مع إيران، احتجاجا على قتلى بغداد.

ووسط مخاوف من أن تكون "مجزرة الخلاني" مقدمة لموجة جديدة من أعمال العنف في الاحتجاجات التي راح ضحيتها 465 قتيلا، استدعت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان 4 قيادات أمنية في جلسة استثنائية حول أحداث بغداد والنجف، فيما دعا التيار الصدري ونائب رئيس البرلمان لعقد جلسة طارئة غدا لمناقشة الاحداث.

وفي وقت سابق، أكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي استعداد القوات الأمنية للتفاوض مع المتظاهرين من أجل الوصول إلى "آلية لحمايتهم".

ويتهم متظاهرون قوات الأمن بـ"التواطؤ" مع المهاجمين الملثمين، عبر فسح المجال لهم للدخول والتجول بكل حرية في منطقة الاعتصام في الخلاني، بينما تقول السلطات الأمنية إنها تجهل هوية المهاجمين، وتحقق في الحادث للوصول إلى الجناة.

تحذير وإدانة

في هذه الأثناء، حذر رئيس الوزراء الأسبق زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي من "استمرار الانتهاكات والاعتداءات التي تنفذها عصابات خارجة عن القانون بحق المتظاهرين السلميين".

وقال علاوي، في بيان، إن "على الحكومة المستقيلة والمسؤولين الأمنيين اتخاذ موقف حازم وحاسم تجاه تلك العصابات"، مضيفا أن "المجازر التي ترتكب بحق المتظاهرين السلميين لن تعفي المسؤولين الأمنيين من المساءلة ولن تسقط بالتقادم".

كما أكد تيار "الحكمة"، الذي يتزعمه عمار الحكيم، رفضه المساس بالمتظاهرين السلميين وإدانته لكل أشكال العنف.

عقوبات واتهام

وتأتي تلك التطورات بعد ساعات من فرض واشنطن عقوبات على 4 مسؤولين عراقيين، 3 منهم زعماء جماعات موالية لطهران اتهمت واشنطن بـ"إطلاق النار على الاحتجاجات السلمية، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء".

واستهدفت العقوبات ليث الخزعلي وقيس الخزعلي، والأخير هو زعيم ميليشيات "عصائب أهل الحق"، وشقيقه ليث أحد زعماء الجماعة أيضا، كما شملت حسين فالح اللامي، مسؤول الأمن في قوات "الحشد الشعبي"، التي تضم فصائل مسلحة وتهيمن عليها جماعات تدعمها إيران، منها "العصائب".

وامتدت العقوبات الأميركية إلى خميس العيساوي، وهو رجل أعمال عراقي ثري تورط في فساد ودفع رشاوى لمسؤولين حكوميين.

وفي حين أعلن الجناح السياسي لـ"العصائب" أن العقوبات الأميركية "لن تنفع لعدم وجود أرصدة لزعماء الحركة في الخارج"، رد حزب المشروع العربي، الذي يتزعمه خميس الخنجر، على الخطوة الأميركية التي استهدفت الأخير، واصفا إياها بـ"فضيحة أخلاقية وسياسية بحق حقوق الإنسان".

تنديد أوروبي

إلى ذلك، ندد سفير الاتحاد الأوروبي في العراق، مارتن هوث، أمس "مجزرة الخلاني".

وقال هوث: "ما حدث أمس وسط بغداد جرائم قتل"، مضيفا: "غاضب وأشعر بالحزن العميق على جرائم القتل ليلة أمس ضد أعداد من المتظاهرين والقوات الأمنية من قبل عناصر مجرمة من طرف ثالث".

وتساءل سفير الاتحاد عن هوية من سماهم بالمخربين قائلاً: "من هم المخربون الحقيقيون؟".

ودانت السفارة الفرنسية في العراق الهجوم المميت ضد المتظاهرين قرب المنطقة الخضراء، وسط بغداد، الليلة الماضية، وشددت على ضرورة الكشف عن هوية المذنبين بوضوح، وإحالتهم على العدالة، بسبب هذه الأفعال الشنيعة.

بدورها، أدانت بريطانيا قتل المتظاهرين السلميين في بغداد، وطالبت بمحاسبة مرتكبي الجرائم، بينما اعتبر السفير الكندي بالعراق، أولريك شانون، أنه "لا يجوز في أي بلد ذي سيادة أن تسمح الدولة بتواجد مجموعات مسلحة تمثل أجندات خاصة".