بينما لم تخرج إيران بالكامل بعدُ من موجة الاضطرابات التي نجمت عن قرار حكومة الرئيس حسن روحاني رفع أسعار البنزين، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 200 قتيل وتوقيف الآلاف في أيام قليلة، بدأ أمس تسجيل الترشيحات لانتخابات مجلس الشورى (البرلمان)، التي تكتسب أهمية لأنها ستعكس التوجه السياسي للنظام، في ظل استمرار حملة الضغوط القصوى التي تشنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لدفع طهران إلى اتفاق لا يقتصر على البرنامج النووي، بل يشمل البرنامج الباليستي والأنشطة الإقليمية.

وأفادت وكالات الأنباء الحكومية بأن تسجيل الترشح للدورة الحادية عشرة لانتخابات مجلس الشورى بدأ أمس، داخل البلاد وخارجها، مضيفة أنه سيستمر لـ 7 أيام، على أن تجري الانتخابات في 21 فبراير 2020.

Ad

وقال وزير الداخلية الايراني عبدالرضا رحماني فضلي، أمس، أن 378 شخصا قد سجلوا بالفعل، مؤكداً ضرورة التزام جميع المسؤولين بتطبيق القانون، وأضاف خلال تفقده التسجيل بمقر وزارة الداخلية بطهران: "نأمل أن نشهد انتخابات ملحمية نزيهة في ظل رعاية القانون".

وعبر فضلي عن أمله أن "يكون المجلس القادم قويا وبمستوى تطلعات نظام الجمهورية الإسلامية"، وأكد "ضرورة التنسيق بين مجلس صيانة الدستور وجميع الأجهزة التنفيذية".

من ناحيته، ألمح المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور في إيران عباس علي كدخدائي في مقابلة مع "فرانس برس" إلى أن السلطات قد تكون أكثر انفتاحاً من الماضي في الموافقة على المرشحين في الانتخابات.

وقال كدخدائي "لا نعتبر أنفسنا بمنأى عن الانتقادات. علينا القبول بأنه تم ارتكاب أخطاء في الماضي". وأضاف: "لكننا نحاول في الانتخابات التشريعية المقبلة التخفيف من أخطائنا واحترام حقوق المرشحين".

ويتولى مجلس صيانة الدستور، الخاضع لهيمنة المحافظين المتشددين، مسؤولية تنظيم ومراقبة الانتخابات، بما في ذلك التدقيق في المرشحين.

وواجه المجلس في الماضي اتهامات، خصوصاً من الإصلاحيين، بمنع المرشحين لأسباب سياسية أكثر منها دستورية. ففي آخر انتخابات برلمانية في فبراير 2016، أجاز المجلس لـ6229 مرشحاً التنافس على 290 مقعداً، وهي نسبة أكثر بقليل من 51 في المئة ممن قدموا ترشيحاتهم.

وتأتي الانتخابات بينما تعرض روحاني المعتدل المتحالف مع تيارات إصلاحية وأخرى وسطية، لانتقادات لاذعة بعد قرار رفع أسعار الوقود وتقنين الدعم. وهاجم الأصوليون القرار واعتبروا أنه فتح الباب أمام التظاهرات المعادية للنظام، متهمين روحاني باستقصاد إثارة اضطرابات.

كما انتقد انصار الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي عرف بدعمه للطبقات الفقيرة، القرار، معتبرين انه يستهدف المواطنين الاكثر حاجة.

وكان آخر المنتقدين لروحاني زعيمي "الانتفاضة الخضراء" مير حسين موسوي ومهدي كروبي، اللذين يقيمان تحت الاقامة الجبرية منذ 2011.

لاريجاني

في غضون ذلك، أعلن رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني، أمس، أنه لا ينوي الترشح من جديد للانتخابات المقبلة. ولاريجاني هو شقيق صادق لاريجاني رجل الدين الأصولي الذي يرأس حالياً مجلس تشخيص مصحلة النظام، وترأس سابقاً السلطة القضائية. ويشغل علي لاريجاني منصب رئيس البرلمان لثلاث دورات تشريعية (12 عاماً)، وكان محسوباً على المحافظين الوسطيين وتحالَف أخيراً مع الرئيس روحاني.

من جهة أخرى، قال لاريجاني إنه ينبغي لاميركا أن تفهم أن سياسة الضغوط القصوى لا جدوى منها، لكنه اضاف للصحافيين، أمس، أن "هناك دائماً إرادة سياسية لحل المشاكل العالقة مع اميركا ولا يوجد طريق مسدود. وتابع: "إذا كان المسؤولون الأميركيون لديهم قدر كاف من التعقل ويستفيدون من تجربتهم السابقة، فيمكنهم حل المشكلة، والطريق ليس مغلقاً".

الاحتجاجات

ورغم إعلان السلطة السيطرة على الاحتجاجات المرتبطة بـ "انتفاضة الوقود" بالكامل، استمرت حملة اعتقالات واسعة، فقد أعلن قائد قوى الأمن الداخلي في محافظة طهران، أمس الأول، عن إلقاء القبض على أكثر من 20 شخصاً ممن وصفهم "رؤوس الشغب"، مؤكدا أن الشرطة وضعت على جدول أعمالها "مواصلة اعتقال العناصر الرئيسية المزعزعة للأمن والمثيرة للاضطرابات الأخيرة".

من جانبه، أعلن قائد قوى الأمن الداخلي في محافظة فارس جنوب البلاد، اعتقال شقيقين متهمين بإحراق عدة مصارف في مدينة شيراز مركز المحافظة.

وأصدرت وزارة الأمن إعلانا أكدت فيه انها ألقت القبض على عناصر عملت على إرسال معلومات الى قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة.

بن علوي

على صعيد منفصل، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، سيزور طهران اليوم، ويلتقي وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وكانت "الجريدة" انفردت بخبر الزيارة قبل أيام، عندما كان بن علوي يزور واشنطن، حيث التقى نظيره الأميركي مايك بومبيو وبحثا ملف اليمن، خصوصاً حرية الملاحة في الخليج وكذلك ملف المصالحة الخليجية.

وحسب معلومات "الجريدة" تلعب عمان دور الوسيط بين واشنطن وطهران حول اليمن لمواكبة المفاوضات السعودية مع المتمردين الحوثيين، التي أعلنت المملكة انها تمضي قدماً. وسيكون ملف اليمن في صدارة مباحثات بن علوي بالعاصمة الإيرانية.

وكانت مصادر في الرئاسة الإيرانية كشفت لـ "الجريدة"، إن بن علوي سيبلغ طهران موافقة السلطنة على المبادرة التي اقترحها الرئيس الإيراني للسلام والأمن في منطقة الخليج، والتي أطلق عليها "مبادرة هرمز للسلام".