في هجوم أعاد إلى الأذهان اعتداء إرهابيا وقع خلال حملة انتخابات 2017 في المنطقة نفسها قبل عامين، وأسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 48 بجروح، أكدت السلطات البريطانية، أن منفّذ الهجوم قرب جسر لندن أمس الأول، الذي قتل خلاله رجلا وامرأة وأصاب 3 آخرين، ‬بسكين، قبل أن تقتله الشرطة، هو بريطاني وسجين سابق، أدين عام 2012 بارتكاب جرائم إرهابية، لكن تم إطلاقه العام الماضي، مما أدى الى تبادل اتهامات بين السياسيين قبل انتخابات حاسمة.

ونفذ عثمان خان (28 عاما) والذي كان يرتدي سترة ناسفة وهمية وملوّحا بسكين، الهجوم العشوائي في وضح النهار قرب جسر لندن، وطرح مارة المهاجم أرضا، ثم أطلقت الشرطة النار عليه وأردته قتيلا.

وقال رئيس شرطة مكافحة الإرهاب نيل باسو في بيان، إن خان، الذي يتحدر من أسرة من الشطر الخاضع لسيطرة باكستان من إقليم كشمير، «معروف لدى السلطات، ودخل السجن عام 2012 مع ثمانية آخرين في قضية مرتبطة بتنظيم إرهابي مستلهم من تنظيم القاعدة، تآمر لتفجير أهداف بينها بورصة لندن، وخرج من السجن بإطلاق سراح مشروط في ديسمبر 2018».

Ad

وحكم على خان بالسجن ثمانية أعوام، وأدين بالتحضير لخطط طويلة الأجل تتضمن المشاركة بـ «تدريبات إرهابية» في باكستان.

وأوضح باسو أنّ المهاجم شارك في وقت سابق قبل تنفيذ هجومه، في محاضرة نظمتها «جامعة كمبريدج» في «فيشمونغرز هول» حول إعادة تأهيل السجناء تحت عنوان «التعلم معا»، وهي جزء من مشروع لأكاديميين في معهد علم الجريمة بـ «كامبريدج» وسط لندن.

وأضاف: «نعتقد أنه بدأ هجومه في الداخل قبل أن يغادر المبنى ويتوجه إلى جسر لندن، حيث تم اعتقاله، وبالتالي مواجهته وإطلاق النار عليه من قبل رجال الشرطة».

وخلال الاعتداء، كان خان يرتدي طوقاً الكترونيا، بعدما استفاد من إطلاق السراح المشروط، حسب ما أوضحت صحيفة «ذي تايمز»، نقلا عن مصادر حكومية.

وأظهرت تسجيلات مصوّرة التقطها شهود عيان وانتشرت على «تويتر»، مجموعة من الأشخاص يحاولون التعامل مع شخص على الأرض قبل وصول عناصر الشرطة الذين أطلقوا النار عليه لدى محاولته النهوض.

وتزامن الهجوم مع يوم «الجمعة السوداء» (بلاك فرايداي)، يوم التنزيلات في الأسواق الذي يسبق عيد الشكر، وتكتظ فيه الشوارع بالمتسوقين أكثر من أي يوم آخر في السنة.

وأشاد رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون الذي يأمل في الفوز بغالبية في انتخابات 12 الجاري تمكّنه من تطبيق «بريكست»، بخدمات الطوارئ وبالجمهور لسرعة استجابتهم.

وقبل أن يرأس اجتماعا للجنة الطوارئ الحكومية، قال إنه «تجادل طويلا بأنه كان من الخطأ السماح لمجرمين خطيرين وعنيفين بالخروج من السجن مبكرا، ومن المهم جدا التخلي عن هذا التقليد، وأن نفرض تطبيق الأحكام التي تتناسب مع المجرمين الخطيرين، ولا سيما الإرهابيين».

وتابع جونسون الذي ألغى حملته الانتخابية، إن الهجوم إرهابي، وإن بلاده لن تخضع أبدا. من ناحيته، قال وزير الدولة للشؤون الداخلية براندن لويس، إن الشرطة ستراجع الشروط الجاري تطبيقها على مدانين سابقين تم الإفراج عنهم مثل منفذ هجوم لندن.

وانتقد «حزب العمال» المعارض، الذي يأتي بالمرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بعد «حزب المحافظين»، سجل الحكومة في مكافحة الجريمة أمس، في حين تواصل الشرطة تحقيقاتها.

وقال رئيس بلدية لندن صادق خان، وهو أرفع سياسي معارض يتولى في الوقت الحالي منصبا رسمياً، «هناك أسئلة ملحة بحاجة إلى إجابات». وأضاف: «من الأدوات المهمة التي كانت لدى القضاة فيما يتعلق بالتعامل مع مدانين جنائيين خطرين هي قدرتهم على إصدار حكم بعقوبة غير محددة المدة لحماية الناس، سلبتهم هذه الحكومة تلك الأداة». وأعلن خان أن «زيادة وجود الشرطة ستكون ظاهرة للعيان ابتداء من اليوم».

وتعهّد «المحافظون» و«العماليون»، بنشر ما لا يقل عن 20 ألف ضابط شرطة إضافي في الشوارع.

ودفع الهجوم القادة السياسيين للحد من أنشطة حملاتهم الانتخابية قبل نحو أسبوعين من التصويت الذي من شأنه حسم مصير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ومن المتوقع خلال الأيام المقبلة أن ينضم ملف الإرهاب والجريمة للملفات التي تحظى بتركيز الحملات الانتخابية حتى الآن، وهي «بريكست» والخدمات الصحية مع سعي جونسون للحد من الخسائر السياسية بعد الهجوم.

مناشدة

على صعيد آخر، قال رئيس الوزراء البريطاني إنه من الأفضل ألا يتدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات البريطانية المرتقبة عندما يزور لندن لحضور قمة حلف شمال الأطلسي الثلاثاء والأربعاء المقبلين. وأوضح جونسون خلال مقابلة استمرت ساعة مع محطة LBC البريطانية، «ما لا نفعله عادة كحلفاء وأصدقاء مقربين هو التدخل في الحملات الانتخابية لبعضنا البعض». وأضاف: «أفضل شيء يمكن فعله عندما يكون هناك أصدقاء وحلفاء مقربون مثل الولايات المتحدة وبريطانيا هو عدم تدخّل أي جانب في انتخابات الجانب الآخر». لكن ترامب خاض بالفعل في الانتخابات، حيث صرح في أكتوبر بأن زعيم حزب «العمال» المعارض جيريمي كوربين سيكون اختيارا «سيئا جدا» لبريطانيا، وبأنه ينبغي على جونسون إبرام اتفاق مع نايغل فيراج زعيم حزب بريكست.

وخلال المقابلة، قال جونسون إنه لن يفصح عن عدد أبنائه، مضيفا أنه «لن يجعلهم محط الأنظار قبيل «انتخابات الميلاد».

وأضاف: «أحب أبنائي كثيرا، لكنّهم لا يخوضون هذه الانتخابات، لذلك لن أعلق. لن أجعلهم محط الأنظار في هذه الانتخابات».