انتهت الجولة الأولى من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي بصفة مراقبين، في أديس أبابا، أمس، دون تحقيق انفراجة حقيقية في الأزمة المستمرة بين مصر وإثيوبيا والسودان، بسبب التباين الواضح حول مسألة تحديد سنوات ملء بحيرة السد وإجراءات التشغيل، وهي النقطة التي تحطمت عليها جولات التفاوض السابقة، وآخرها مباحثات الخرطوم مطلع أكتوبر الماضي.

ولا يزال الوقت مبكرا لتقييم جولة المفاوضات الجديدة أو وصمها بالفشل، إذ يعد اجتماع أديس أبابا الأول في سلسلة من 4 اجتماعات فنية، بحسب مخرجات الاجتماع الذي عقد بين وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان في واشنطن، تحت رعاية وزير الخزانة الأميركية ومدير البنك الدولي 6 نوفمبر الجاري، فضلا عن اجتماعين لوزراء الخارجية في واشنطن، 9 ديسمبر و13 يناير المقبلين، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 15 يناير المقبل فسيتم اللجوء إلى المادة العاشرة من إعلان المبادئ الموقع في 2015.

Ad

وزارة الري المصرية أصدرت بيانا حول اليوم الأول لاجتماعات أديس أبابا أمس الأول، أكدت فيه أن مصر تعول على هذا الاجتماع للتوصل إلى اتفاق حول المسائل الفنية العالقة في تشغيل وملء سد النهضة، وأن الوفد المصري أكد التزام القاهرة بالوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن لمصلحة شعوب الدول الثلاث، لافتة إلى أنه تم خلال الاجتماع استعراض العروض التوضيحية التي تشتمل على رؤية كل دولة في مسألة ملء السد.

أزمة في الأفق

وبدا أن شهر العسل في العلاقات المصرية الأميركية منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم يناير 2017 على وشك الانتهاء، مع تجمع نذر أزمة عاصفة بسبب توجه القاهرة لشراء مقاتلات سوخوي 35 الروسية المتطورة، وهو الأمر الذي ترفضه واشنطن بشدة، وتهدد بفرض عقوبات على مصر إذا تم إتمام الصفقة التي تهدد صراحة التفوق العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط.

النظام المصري المؤسس على المرجعية الوطنية منذ ثورة 1952، يبدو غاضبا من التحرك الأميركي، لذا لم يكن غريبا أن يخرج البرلماني والصحافي المقرب من دوائر صنع القرار مصطفى بكري أمس الأول، ليهاجم الموقف الأميركي صراحة، وكتب عبر حسابه على "تويتر" بمداد يقطر غضبا: "لا يحق لأميركا وغير أميركا أن تتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وأن تملي شروطها على الحكومة المصرية... زمن املاء الشروط انتهى، وعلى واشنطن أن تعيد حساباتها، وأن تكف عن فرض الشروط، مصر هي وحدها صاحبة القرار وفقا لمصالحها".

من جهته، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان تامر الشهاوي إن بلاده لا تقبل التوجيهات من أي طرف، مشددا في تصريحات إعلامية على أن القاهرة لم ولن تقبل التدخل في قرارها السياسي والعسكري، في إطار خياراتها الاستراتيجية سواء بالتعاون مع الولايات المتحدة أو روسيا، داعيا واشنطن إلى التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين في منطقة الشرق الأوسط، والتي تكشف عن انحياز تام لإسرائيل.

وسبق أن كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أمس الأول أن وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين مارك إسبير ومايك بومبيو حذرا القاهرة الأربعاء الماضي من إتمام صفقة شراء المقاتلات الروسية المتطورة، وأن الصفقة ستؤثر على "اتفاقيات التعاون في مجال الدفاع مستقبلا بين الولايات المتحدة ومصر، وعلى المساعدات لمصر لضمان أمنها"، في إشارة على ما يبدو إلى المساعدات الأميركية المقدمة لمصر بـ1.3 مليار دولار سنويا منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي.

ولم تعلق القاهرة أو واشنطن على هذه المعلومات حتى عصر أمس، وسبق للصحافة الروسية أن أعلنت في أبريل الماضي توقيع اتفاقية لتزويد القاهرة بنحو 20 مقاتلة من طراز "سوخوي 35"، في صفقة تقدر بملياري دولار، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات رسميا.