ليس من المستغرب أن يثور شعب العراق ضد الفساد وتنامي النفوذ الإيراني في بلاده، بل من العار أن يرضى بالفساد وأن تحكم بغداد من ملالي طهران، فقد تمكنت طهران من مدّ نفوذها داخل العراق مع الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وبعد أن ساعدت طهران أميركا على احتلال العراق كافأتها أميركا بتمكين ميليشياتها من حكم العراق وصياغة دستور للعراق يُرضي حكام طهران.

لقد عاشت تلك الميليشيات العراقية في طهران إبان حكم البعث، وحاربت مع الجيش الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية والتي هزمت فيها إيران شر هزيمة، وتجرع الخميني كأس السم ليتقبل الهزيمة، ثم أدخلت طهران الميليشيات العميلة لها إلى العراق عام 2003 على الدبابة الأميركية، ومكنتها أميركا بالتعاون مع نظام الملالي من حكم العراق.

Ad

وقال المرحوم الأمير سعود الفيصل للأميركيين "لقد قدمتم العراق هدية لنظام طهران على طبق من فضة". أراد نظام طهران أن يجعل من تلك الميليشيات حصان طروادة إيرانيا داخل الدولة العراقية، فأصبحت بمثابة جيش احتلال إيراني للعراق تخضع لأوامر جيش الثورة الإيراني، عملت طيلة الست عشرة السنة الماضية على تصدير الثورة الإيرانية الفاشلة والمتخلفة إلى العراق والدول المجاورة.

صحا شعب العراق من سباته ورأى وطنه يحكم من ميليشيات عميلة لملالي طهران، الذين حولوا العراق إلى مستعمرة إيرانية نهبت ثرواته وتركته للجوع والفقر والتخلف، لتذهب تلك الثروات إلى جيوب الفاسدين من عملاء نظام طهران، ولتمول ثروات العراق حروب إيران التوسعية في منطقتنا العربية، وذلك كما يقول الزعيم العراقي حسن الموسوي في إحدى رسائله التي وجهها للمرشد الإيراني: "إننا نعلم علم اليقين بالأدلة والوثائق والشهود بأن تمويل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وميليشياتكم في سورية والعراق كلها من أموال الشعب العراقي المظلوم، كما نعلم أن لديكم مصارف في العراق تسحب منها حكومة العراق العملات الصعبة لتحولها إليكم، وأن هذه الحكومة الفاسدة تبيع كميات كبيرة من نفط العراق وتحول المبالغ إليكم بحجة أن بلدكم يمر بحصار جائر، وتعامت تلك الحكومة أن في العراق أرامل وثكالى وجياعا في بلده الذي تنهب ثرواته، فكفاكم يا سيد خامنئي نهبا وسلبا لثروات شعب العراق وإهانة لشعب العراق الأبي".

رأى نظام طهران أنه يوشك أن يخسر أهم مراكز نفوذه في المنطقة، خصوصاً بعد فشل محاولات احتواء الغضب الشعبي، بل إن الثورة الشعبية تزداد قوة وحماسا في كل مرة تعتقد الأحزاب الموالية لنظام طهران أنها أخمدتها، وتحدى الثوار رموز الحكم الموالين لطهران من خلال حرق مقار الحكومة والأحزاب والميليشيات الموالية للنظام الإيراني، لذلك حث المرشد خامنئي الميليشيات الحليفة على معالجة أعمال الشغب معتبرا الانتفاضة الشعبية ضد نفوذه نتاج مؤامرة أميركية إسرائيلية وبدعم من دولة عربية، ودفعت تصريحات المرشد قاسم سليماني للتوجه إلى بغداد وترأس اجتماعا للقوى الأمنية، وحثهم على قمع الانتفاضة، وازداد قمع المحتجين وكثر عدد الضحايا، لكن الاحتجاجات نمت وتطورت، مرددين عبارتهم التي أحبوها "إيران بره بره، أرض العراق تبقى حرة".