حدثان لافتان حقاً شهدهما الأسبوع الماضي وشكلا نقطة تحوّل في مفهوم علاقات الدول وتفضيل المصالح القومية بشكل بارز. الأول كان – من حيث التوقيت الزمني لا الأهمية الاقتصادية والسياسية – إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه الاستمرار في الاستحواذ على النفط من الشمال السوري وكأن سورية ولاية أميركية.

وكانت خطوة متهورة، وقوبلت بانتقادات حادة وشجب من مختلف الأوساط السياسية ووسائل الإعلام بما في ذلك الصحف الغربية، إذ أكدت صحيفة الإندبندنت البريطانية، على سبيل المثال، أن قيام ادارة ترامب باستخراج النفط في سورية وبيعه يعتبر بمنزلة «جريمة حرب».

Ad

وتمثل الحدث الثاني الذي ينطوي على مضاعفات اقتصادية وسياسية مهمة في موافقة الدنمارك على مرور أنبوب الغاز الروسي المعروف باسم السيل الشمالي – 2 عبر مياهها الإقليمية، مما سوف يؤدي إلى تقليص ضخ الغاز الروسي إلى دول أوروبا عن طريق أوكرانيا.

وبحسب معلومات البنك المركزي الأوكراني، فإن تلك الخطوة سوف تكبد اقتصاد ذلك البلد خسائر فادحة تصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار في السنة نتيجة حرمانه من عوائد عبور خط الغاز الروسي.

وأعقب تلك التطورات بالضرورة تقلبات وترقب في أسواق النفط العالمية تمثلت أولاً في توقعات صدرت عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية تشير إلى هبوط مرتقب في أسعار النفط بالربع الأخير من هذه السنة، ربما يفضي إلى وصول سعر البرميل معه إلى 59 دولاراً، كما أن منظمة «أوبك» طرحت خفضاً مماثلاً في توقعاتها لنمو الطلب على النفط خلال الربع الأخير من هذا العام مستشهدة بالمعلومات الضعيفة التي تحدثت عن الأداء الاقتصادي في آسيا، وكانت أقل من التوقعات كما أن من المحتمل الى حد كبير أن تؤدي هذه الخطوة الى زيادة الضغط على الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» لفرض مزيد من الخفض في مخصصات الإنتاج، وذلك خلال اجتماع المنظمة المقرر في شهر ديسمبر المقبل.

في غضون ذلك، تنعقد الآمال في الوقت الراهن على تحقيق حصيلة مثمرة على صعيد الأداء الاقتصادي العالمي من خلال تطور دراماتيكي صدر عن حكومة الصين التي أعلنت أخيراً التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ مع الولايات المتحدة حول محادثات التجارة بين البلدين.

ويتحدث محللون عن سعي القوى الاقتصادية العالمية إلى إيجاد طرق جديدة لإنتاج الطاقة بحيث يقل الاعتماد على أنواع الوقود الحفري. وفي الصين – على سبيل المثال – تتخذ الأنظمة الكهروضوئية الطافية اتجاهاً توسعياً يفضي إلى تحول اقتصاد ذلك البلد إلى الطاقة النظيفة التي تتسم بدرجة أعلى من الكفاءة.

وفي السياق تؤكد مصادر الطاقة العالمية أن لدى أوروبا ما يكفي من موارد طاقة الشمس والرياح من أجل تلبية كامل الطلب على الطاقة الكهربائية عن طريق المصادر المتجددة.

إلى ذلك أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في مدينة بوتسدام الألمانية أن بوسع الكثير من المدن والبلدات استخدام أنظمة كهرباء تقوم على مصادر الطاقة المتجدة فقط من أجل تلبية الطلب على الطاقة في المستقبل، غير أن مثل هذا التطور سوف يؤدي بالضرورة إلى تفاقم ضغط استخدام الأراضي حول المناطق الحضرية والتجمعات السكانية.

من جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى مدى صعوبة تلبية الطلب على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وخصوصاً في المدن المكتظة بالسكان مثل برلين ولندن وباريس، غير أن التقدم وصل اليوم إلى مرحلة تكفي لتأمين تلك الاحتياجات بدرجة معقولة إلى حد كبير.

وفي المحصلة النهائية، على أي حال، تعتمد إمكانية تحقيق تلك التحولات على أهميتها للبشر والبيئة على التطورات السياسية العالمية وتحالفات المصالح بين القوى العظمى في المقام الأول.