شعار "بس مصخت" الذي أطلقه الأخ العزيز صالح الملا حرّك وجدان الشعب الكويتي، وما نراه من تفاعل حقيقي لضرورة التصدي للفساد العارم ورموزه يعكس بوضوح مصداقية الشعار من جهة، وحالة الكبت الذي بلغ مرحلة انفجار الشارع من جهة أخرى، ويبقى الرهان على حسن إدارة هذا المشروع الوطني ليترجم وحدة الهم الكويتي ووحدة الهدف ووحدة الإجراءات العملية، وهي استحقاقات مهمة ومطلوبة لمواجهة هذا الفساد الذي تحول إلى غول كبير تعددت أدواته وتنوعت أنيابه، وبات يشمل أقطاباً فعالة بجنون الغطرسة في الحكومة وفي وسائل الإعلام، ويملك ثروة مالية ضخمة مخصصة لحمايته، ويرفع عصا الملاحقة القانونية والإرهاب الفكري والتهديد بتضييق الخناق المدني من خلال التعيين والالتحاق بالسلك العسكري والتدرج في الوظائف القيادية انتهاءً بسحب الجناسي.

وانضم إلى هذه المؤامرة مجلس الأمة المنتخب شعبياً، فباع ثقة الناس وطموحاتهم وأحلامهم وحماية أموالهم وحقوقهم، وتحوّل إلى بوق كبير للحكومة، وفاق في تزلفه كل حدود الحياء ليهاجم الناس واستياءهم حتى على التذمر والقلق على مستقبل أبنائهم، بدلاً من مراقبة الحكومة ومحاسبتها على كل أوجه التقصير والفساد والفشل، وصولاً إلى ضياع البلد، وما فيه ومن فيه. وحرصاً على البناء على ما طرحه الزميل صالح الملا، وخاصة الدعوة إلى الالتقاء والتواصل في ساحة الإرادة، أقترح مجموعة من التوصيات لعلها تخدم هذا المشروع الشعبي ومؤازرته ونجاحه وتجاوز الملاحظات والاجتهادات السابقة التي عطلت أو أخرجت التحركات السابقة عن هدفها الأصيل، بقصد أو من دون قصد، أو عن حسن نية أو بسبب الكثير من المندسين وأصحاب الأجندات الخاصة:

Ad

تكمن التوصية الأولى في احتضان أي تحرك في الوعاء الوطني لإعادة لحمة الكويتيين جميعاً، ويتطلب ذلك اختيار العناوين الجامعة التي لا تفرق، والقواسم المشتركة التي تزيد التلاحم الشعبي، والتركيز على الهواجس والهموم العابرة للمكونات المجتمعية، وما أكثرها وأخطرها اليوم.

وتتمثل التوصية الثانية في اعتبار المجلس الحالي هو الخصم الحقيقي للشعب الكويتي رغم حالة السوء غير المسبوقة في الحكومة، فمجلس الأمة ينوب عن الناس في التصدي للحكومة، لكنه أصبح جزءاً منها بل الناطق الرسمي لها، والشعب الكويتي أبخص ببرلمانه ومواجهته وتعريته وطرح الرؤى الكفيلة بإصلاحه، ومثل هذا العنوان يغنينا عن محاولات الحكومة وأذنابها وأبواقها في إلصاق التهم الزائفة والمعلبة بعباد الله، كما حدث في الماضي، وتلبيس الكويتيين التحريض على النظام وزعزعة الاستقرار وغيرها من الخدع لتخويف عوام الناس.

التوصية الثالثة هي ابتعاد ما يعرف بالقوى والتيارات السياسية، ومن يحمل عقدة الفئوية والطائفية والقبلية عن هذا الحراك، وتركه لعفوية الشعب وتلقائيته، وخصوصا التسلق عبر الصفقات السياسية مع الحكومة، وبات وجودها في المجلس يبعث على الخزي والشفقة، وحرصاً على عدم ركوبها موجة غضب الناس لمصالحها الضيقة في كل مرة.

وأخيراً نوصي الشباب بالتحلي بالروح الكويتية الأصيلة وسلمية المطالب وأدب الخصومة، مع رفع السقف عالياً ومدوياً في وجه زمرة الفساد وخصوصاً البرلمانيين منهم!