كثفت إندونيسيا، أكبر البلدان ذات الغالبية المسلمة في العالم لناحية التعداد السكاني، جهودها في السنوات الأخيرة لتصبح من أبرز وجهات "السياحة الحلال"، غير أن هذه السياسة تواجه انتقادات لما يعتبره البعض تضييقا على أتباع بقية الديانات في البلاد.

ويرى منتقدو الحكومة الإندونيسية أن سعيها الدؤوب لتحقيق إيرادات من "السياحة الحلال" على مستوى البلاد برمتها بعد النجاح الذي حققته هذه السياسة في جزيرة بالي، يشكل تهديدا لحقوق الأقليات في إندونيسيا.

Ad

كما أن هؤلاء يحذرون من أن البلاد التي تعد 260 مليون نسمة يدين 90 مليونا منهم بالإسلام، تنحو إلى مسار أكثر تشددا مع تولي رجل دين محافظ منصب نائب الرئيس وتزايد المساحة المعطاة للمتشددين في الحياة العامة.

وباتت صورة إندونيسيا كبلد يطبق الإسلام المعتدل مهددة في ظل وابل الانتقادات التي تطال سلطاتها في السنوات الأخيرة.

وحذّر علي مون حنيف الخبير في شؤون الإسلام والسياسي في جامعة شريف هداية الله الإسلامية في جاكرتا من أن تنمية "السياحة الحلال" في المناطق التي تضم أقليات دينية بينهم المسيحيون والبوذيون والهندوس، قد تكون لها تبعات سلبية أكثر من الإيجابيات.

وهو قال "هذه الظاهرة تؤشر إلى الجهد المبذول لإعطاء مبادئ المحافظين طابعا مؤسساتيا".

غير أن المدافعين عن هذه السياسة يؤكدون أن "السياحة الحلال" محط مغالطات وسوء فهم لدى كثيرين.

وقال نائب الوزير الإندونيسي للشؤون الدينية زين التوحيد "ثمة معتقد عام خاطئ بأن السياحة الحلال تقوم على الأسلمة. هذا غير صحيح ولهذا السبب يبالغ البعض في توصيف المفهوم".

وأضاف "هذا المفهوم يقوم على توفير المستلزمات المطلوبة للزوار المسلمين بما يشمل المصلّيات. لذا فإن الأمر يتعلق بالتسهيل (على الزوار المسلمين) وليس بالأسلمة".

هذه الرؤية لا يشاطرها البعض في محيط بحيرة توبا حيث تقطن أكثرية سكانية من إتنية باتاك المسيحية التي يعتمد مطبخها التقليدي بجزء كبير منه على مشتقات لحم الخنزير.

وخلال الشهر الماضي، أثار الحاكم الإقليمي إدي رحمن يادي انتقادات بعد إعلان عزمه على تنشيط السياحة من خلال زيادة التسهيلات والخدمات الموجهة إلى الزوار المسلمين.

ويشمل هذا التوجه فتح مزيد من مطاعم الوجبات الحلال والمساجد، فضلا عن منع ذبح الخنازير في الأماكن العامة لأن من شأن ذلك ثني الزوار المسلمين عن المجيء وفق الحاكم.

وقال توغو سيمورانغكير وهو أحد منظمي مهرجان محلي للخنازير، لوكالة فرانس برس "فكرة تنشيط السياحة الحلال ستقسم الناس. هذا الأمر يشكل ضربة للسياحة هنا".

وقد حرصت صابرينا سينغاريمبون وهي شابة مسلمة محجبة، على المجيء إلى المهرجان لتشهد على تتويج "أجمل خنزير".

وهي قالت "أنا أعارض فكرة (السياحة الحلال) لأن الثقافة الغالبة هنا هي تلك الخاصة بإتنية باتاك وأكثرية الناس هنا غير مسلمين".

وفي بقية أنحاء البلاد، يُنظر إلى "السياحة الحلال" على أنها مصدر أرباح تجارية مهمة.

وتتنافس تايلاند وتايوان على تقديم أفضل العروض في هذه السوق السياحية التي قدّرت دراسة صادرة في 2017 قيمتها بحوالى 300 مليار دولار سنويا.

وقد كشفت إندونيسيا خلال الشهر الفائت عن قواعد جديدة للمنتجات والخدمات المصنفة على أنها حلال، وسط سعي الحكومة إلى استقطاب سياح من البلدان المسلمة لزيارة المدن العشر المختلفة الملقبة بـ"بالي الجديدة"، بما يشمل بحيرة توبا.

غير أن المساعي لجذب السياح المسلمين أثارت الجدل.

فخلال الصيف المنصرم، تراجع المسؤولون في جزيرة لومبوك القريبة من بالي والتي تقدم خدمات كثيرة موجهة إلى الزوار المسلمين، عن مشروع لإقامة مواقع تخييم منفصلة للنساء والرجال في متنزه جبل رينجاني الوطني بعد موجة الانتقادات التي طاولته.

في المقابل، أقفلت السلطات المحلية مطعمين في جزيرة سولاويسي بعدما اشتكت مجموعة مسلمين في يوليو من وصول رائحة الأطباق المصنوعة من لحم الخنزير إلى مساجد ومطاعم حلال في الجوار.