مع بداية دور الانعقاد الجديد بات عمر مجلس الأمة قصيراً جداً، وربما تكون إجازة صيف 2020 آخر رمق في عمره ما لم يكن أقرب من ذلك، إذا تم حل المجلس، ولذا فإننا سنشهد في الأيام المقبلة مشهداً سياسياً محزناً ومؤلماً سيتحمل تبعاته البلد بكل أسف.

فهناك أولاً ذلك السباق المحموم بين كل من الحكومة والمجلس، حيث ستزداد وتيرة الاقتراحات الشعبوية ودغدغة مشاعر الناس، خصوصاً الناخبين، وسيحاول المجلس أن يحرج الحكومة بمقترحاته الشعبوية التي ستُربِك مسيرة الجهاز الحكومي، بل وستخلق توتراً في علاقة السلطتين، وربما تستنزف المزيد من مالية الدولة إلى جوار نزيفها المستمر. على الرغم من عدم جواز تقديم أعضاء مجلس الأمة لأي اقتراحات ذات كلفة مالية باعتبار ذلك حقاً مقصوراً على الحكومة وفقاً لقواعد الاختصاص الدستوري.

Ad

وفي المقابل، سنشهد أيضاً حالة عدم توازن وتفريط حكومي في محاولة لكسب الناس، أو بالأحرى النواب من خلال ترضيات وعطايا تزيد الحكومة هزالاً فوق هزالها الحالي، والحقيقة هي أننا أمام سلطتين تشريعية وتنفيذية غير مؤهلتين للنهوض بمسؤوليات البلد، بل أظن أنهما غير أمينتين على مصالح الدولة ولا الشعب، ومفرطتان في كل مسؤوليتهما الدستورية، مما أفقد كلاً منهما مؤسسيتها التي أرساها الدستور وشيدها الآباء المؤسسون.

ويحمل المشهد السياسي الأخير ارتجالاً تشريعياً، أشد تشويهاً واضطراباً، من الارتجال الذي مارسه المجلس في السنتين الماضيتين، فسيتم "سلق" حزمة من التشريعات التي لا تهدف إلى المصلحة العامة، بل ستهدف لإقرار قوانين تنفيعية فيها شبهات اقتسام وهدر الأموال العامة، بل وتنازل عن السيادة تحت حجة تنمية هي "فاسدة ومفسدة"، والتلاعب بملف الجنسية، والعبث بالدوائر الانتخابية، والمزيد من تقييد الحريات، وتسابق محموم لتصفية مؤسسات الدولة، والتفلت من أنظمتها الرقابية، كالعبث بقانون هيئة مكافحة الفساد، وقائمة أخرى قد يطول سردها.

وينطوي المشهد السياسي أيضاً على المزيد من الضرب غير المشروع المتبادل بين الوزراء، وتحريك الحلفاء من الأعضاء الفاسدين ضد زملائهم في هستيريا من مواقف التسلل السياسي البغيض.

وسيدخل على المشهد عدد من أبناء الأسرة المتنافسين بل المتصارعين من أجل الجولة المقبلة، وهنا سنرى بأم أعيننا الأقطاب الخمسة المتنافسين داخل الأسرة، كل يحرك نوابه الفاسدين لضرب الآخر والنيل من الوزراء والمؤسسات المحسوبة على القطب الآخر، في ضرب موجع وتحت الحزام، والضحية الحقيقية هي البلد ومؤسساته وشعبه.

ولن نستغرب توالي الاستجوابات المرسومة أو الصوتية أو التكتيكية في تصعيد يزيد المشهد سوءاً وتردياً، وستبدأ عملية إثراء وتكسب مالي في سوق مزاد الأعضاء ومزايداتهم، وستطفو على السطح المساومات السياسية والتكسب الانتخابي الرخيص، ولا عزاء للكويت ونظامها الدستوري الرصين الذي حوّله الوزراء والأعضاء إلى حالة كارثية مؤلمة وحزينة.

ورُبَّ سائل عن الحل المناسب، وأظن دون مبالغة أو تجنٍّ أن الحل هو بحل المجلس وانتخابات مبكرة جداً.