عندما أطلقت المرجعية في العراق متمثلة بالسيد علي السيستاني شعار "المجرّب لا يجرّب" ماذا كانت النتيجة؟ وهل استجاب الشعب العراقي لهذه الدعوة؟ طبعاً النتيجة معروفة سلفاً من خلال المظاهرات المتكررة التي قام بها الشعب مما يعني أنه لم يحسن الاختيار، مكرراً الأخطاء نفسها بإعادة الفاسدين إلى مواقعهم، وفي أحسن الأحوال استبدالهم بمن هم أسوأ منهم.

هذا العنوان لا يختص به شعب بعينه، ولا فئة دون غيرها، إنما هي دعوة لمواجهة الفساد ورسالة لناخب عند اختياره من يمثل الأمة من خلال تحمله مسؤولياته الوطنية بالتصويت للأكفأ دون النظر لأي اعتبارات أخرى، كما أن هذا الشعار يقودنا إلى داخل البيت الكويتي، وإلى التجربة الديمقراطية التي مضى عليها أكثر من نصف قرن، وإلى الأدوات التي يمتلكها المواطن في مواجهة الفساد الذي استشرى في أركان الدولة.

Ad

رغم هذه التجربة وكل التغييرات التي مرت بالنظام الانتخابي في دولة الكويت فإن المواطن مازال حبيساً لأساليب الاختيار نفسها في إيصال ممثلي الأمة، وعدم محاولته التخلص منها إلا فيما ندر، لذلك فإن الحديث عن الإصلاح دون أن يقوم المواطن بواجبه الوطني يعدّ ضرباً من الخيال.

"المجرب لا يجرب" شعار يتطلب من المواطن الوقوف عنده، لذلك على الناخب التحري قبل الإدلاء بصوته، فالنائب، وحسب ما جاء في الدستور، يمثل الأمة ولا يمثل فئة أو مجموعة، وعلى الناخب أيضاً الحذر من التداعي والاصطفاف وراء الصيحات القبلية والطائفية بعد أن أثبتت هذه المخرجات فشلها في خدمة عموم المواطنين، وإن وجود مثل هؤلاء النواب قد أفشل الحياة الديمقراطية.

على العموم لست متفائلاً بمخرجات الانتخابات القادمة حتى لو وصلت نسبة التغيير إلى 100% وذلك لعدة أسباب أهمها توجه الناخب إلى المكاسب الضيقة التي يحققها له النائب باعتباره بوابة وبطاقة مرور لتخليص معاملاته الحكومية.

مازلت أتذكر نائبين إسلاميين كانا يرفضان الواسطة بطلبهما من ناخبيهما ألا يثقلوا عاتقهما بهذا العبء، وأن المظلوم له حق ينصر داخل لجان مجلس الأمة، ومن القنوات الرسمية، وكانا يفوزان بكل أريحية في دائرتيهما، لكن ومع مرور الوقت استطاعت الحكومة ترويضهما، فسقط كلاهما بسبب هذا التحول، أما اليوم فالحال تبدلت 180 درجة، فنائب الخدمات والفزاع مكانه محجوز.

عندما أثيرت قضية تضخم حسابات النواب قبل سنوات قليلة مضت تفاعل الشعب معها، وقلنا حان الوقت للإصلاح، لكن وللأسف تبخر هذا الحلم، وتحطم على أسوار المدينة، ولم تعد كل وسائل الهجوم تنفع معه، فالجماعة محصنون من الناخب الذي لم يتوان عن الدفاع عنهم.

في الختام ماذا يرتجي من نائب يخرج من رحم انتخابات فرعية، وآخر تفتح الحكومة ذراعيها له، وغيره يرصد الملايين لتدشين حملته الانتخابية، وآخر يدغدغ مشاعر الطائفيين؟ وماذا ترتجي من منظومة انتخابية كرست مفهوم القبلية والحزبية، ومن نائب كان بالأمس القريب لا يملك سوى بيت حكومي وراتب بالكاد يكفي متطلبات حياته اليومية واليوم أصبح من أصحاب الملايين؟

ودمتم سالمين.