في السنوات الأخيرة بدأت العديد من الاتهامات تلاحق الوافدين في الكويت، أبرزها أنهم أحدثوا خللاً في التركيبة السكانية، وتضخمت أعداد بعض الجاليات إلى أرقام مزعجة، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار استمرار تدفق أبناء هذه الدول إلى الكويت، ومعرفة الأسباب قبل الانتقاد والعمل على محاسبة المتسبب ومعاقبته، وكذلك يتهم الوافدون من جانب بأنهم يتحملون مسؤولية بعض المشاكل مثل الاختناقات المرورية الحادة في الشوارع والأماكن التجارية والترفيهية، كما أنهم يحتكرون الخدمات التي تقدمها المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، ويستفيدون منها أكثر من المواطنين. كذلك توجه إليهم أصابع الاتهام بأنهم يقفون وراء جرائم اجتماعية وأخلاقية لم تكن معروفة في المجتمع الكويتي، ناهيك عن أنهم يزاحمون المواطنين في "لقمة عيشهم" من خلال سيطرتهم على العديد من الوظائف في جهات حكومية حيوية وهيمنتهم الكاملة على القطاع الخاص، في الوقت الذي يعاني فيه عدد كبير من أبناء الكويت البطالة، رغم أنهم يملكون القدرات والإمكانات التي تؤهلهم للإحلال مكان الوافدين وأداء مهام هذه الوظائف والنجاح فيها وهم أولى بها من غيرهم.

في المقابل يرى الكثير من الوافدين أنهم يتعرضون للظلم والتضييق عليهم، وأنهم مستهدفون من قبل بعض النواب والمسؤولين الذين يكيلون لهم التهم، ويطالبون بفرض المزيد من القيود عليهم، والمطالبات المتكررة بترحيلهم من البلاد لأسباب يرى الوافدون أنها واهية كالتقدم في العمر وارتكاب مخالفات مرورية وعدم تجديد الأوراق الثبوتية والعمل في أماكن أخرى لدى غير الكفلاء الذين قدموا على شركاتهم، رغم أن الجميع يعرف أن نسبة كبيرة من الوافدين تأتي تحت مسمى "الفيزا الحرة"، حيث يدفع هؤلاء أموالاً طائلة مقابل دخولهم الكويت فقط، دون أن يكون لديهم فرص عمل، ويكون الواقع بعكس المتوقع على أرض الحقيقة، ويكونون فريسة سهلة لبعض تجار الإقامات.

Ad

فهناك شريحة منهم بلاهوية وهي عنصر غير فعال لا تستطيع الدولة أن تستفيد منهم، بل يصبحون عبئاً على المجتمع، أما جانب المقيمين بصفة دائمة فيتعرضون لأزمة ثبات الرواتب وزيادة رسوم بعض الخدمات في الصحة والمدارس، الأمر الذي يجعل هؤلاء تحت ضغط نفسي وعصبي يؤثر في قدراتهم الإنتاجية وعدم الكفاءة بالعمل. وما بين أسلوب التهوين للمشاكل التي يتسبب بها الوافدون للمجتمع الكويتي الذي يتبناه البعض ويدافعون عنهم باستماتة وبين أسلوب التهويل الذي يمارسه البعض، وخصوصاً الذين يتكسبون انتخابياً وشعبياً، فيطرحون مقترحات تشمل جميع الوافدين بلا استثناء، ويحملونهم مسؤولية كل المصائب التي تحدث في البلاد، نجد تناقضاً في تقييم هذه القضية الحساسة، ولا نرى تصورات أو حلولاً من قبل الحكومة سوى الحديث عن الإحلال والتكويت في الوقت الذي تفتح فيه "الباب على الواسع" للشركات الوهمية وتجار الإقامات لجلب المزيد من العمالة الهامشية التي تتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد أمن الكويت وسلامتها، وكذلك تضر بسمعتها الدولية في مجال الاتجار بالبشر، وإساءة معاملة الوافدين. فجميع الدول فيها وافدون، ولكن بطريقة مقننة لا تهدد تركيبة المجتمع، ولا تسلب حقوق أبنائه في الوظائف والخدمات، كما يحدث عندنا، فالقضية إذاً تحتاج إلى معالجة حكيمة وموازنة، ولا تترك للهواة وأصحاب الرؤى الضيقة والمصالح الخاصة، إنما يجب أن تودع بين أيدي متخصصين ومراكز بحث تقدم لها الحلول العملية حتى لا يظلمنا الوافدون ولا نظلمهم، والله ثم الوطن من وراء القصد.

آخر الكلام:

ما يشهده العراق في الأيام الأخيرة من مظاهرات تطالب بحقوق مشروعة وإفراط في استخدام القوة من قبل الأجهزة الأمنية وتدخل دول إقليمية تعمل لحسابات طائفية يثير الحزن والقلق على مصير هذا البلد العربي الشقيق والجار، والذي أنهكته الحروب والانقسامات على مدار السنوات الماضية في ظل وجود حكومات فاشلة تعمل لحساب أجندات ضيقة، وتتهاون في سفك الدماء وتحقيق المطالب العادلة لفئات مقهورة وفقيرة من الشعب. كفاكم نهشاً في جسد العراق الذي ينزف من داخله على أيدي أبنائه وبتحريك وتمويل من قوى إقليمية لا تريد الخير لأحد إنما الهيمنة وزرع بذور الفتن بين الشعوب.