حذّر النائب السابق، د. حسن جوهر، من المخاطر التي تحيط بالاحتياطي العام للدولة، وقال انه اذا استمر صرف المبالغ الضخمة تحت مبرر سداد العجز في الميزانية يخشى أن يتحول الاحتياطي العام إلى صفر.

وأضاف جوهر، في ندوة "الكويت والمؤشرات الدولية" التي نظمها المنبر الديمقراطي أمس الأول، أن هذه المؤشرات تخلق روح المنافسة، لا سيما أن التنافسية العالمية في وقتنا الحالي تحدد مراكز الدول ضمن تصنيف وترتيب معيّن على مستوى العالم.

Ad

وقال: من هذا المنطلق نستذكر أننا في الكويت نعاني مشاكل كبيرة يمكن أن تكون لها تداعيات مستقبلية خطيرة على مستقبل البلد والأجيال القادمة، لاسيما أننا نسمع ونرى أن الكويت نزفت خلال ستة أشهر 13 مليار دينار من الاحتياطي العام، تحت مبرر سداد العجز في الميزانية، رغم أن الميزانية يفترض أن تكون متوازنة، لأنها محددة على سعر نفط قيمته 50 دولارا، وسعر النفط اليوم يصل الى أكثر من ذلك، مؤكدا أنه لا يوجد عجز في الميزانية، فما هو المبرر لصرف هذا المبلغ الضخم خلال فترة وجيزة، وإيصال الاحتياطي العام للدولة إلى مستوى مخيف جدا؟ وإذا استمرت هذه الوتيرة، فإنه في الوقت نفس من العام المقبل، سيتحول الاحتياطي العام إلى صفر.

العُهد المالية

وأردف: لدينا مشكلة العهد المالية التي نمت وتراكمت من 900 مليون في بداية التسعينيات، تحت مبررات الغزو العراقي وإعادة الإعمار حتى وصلت إلى 8 و9 مليارات دينار، وهي المبالغ التي صرفت دون وجود أي مستندات لسبب وطريقة الصرف، لافتا الى أن هذا الأمر يترك أكثر من علامة استفهام حول حرص الدولة على المال العام، ولا نستغرب بعد ذلك عجز الحكومة عن إدارة مستشفى جابر الذي يعد من أكبر مستشفيات الشرق الأوسط، وإذا كانت غير قادرة على إدارة هذا المستشفى، فكيف نتوقع أن يكون مكانها في التنافسية العالمية"؟!

وتابع: الأمثلة كثيرة التي تؤكد عدم القدرة على معالجة الإخفاقات التي نعانيها، رغم أن مشكلة واحدة منها ممكن أن تطيح الحكومة بالكامل في أي دولة محترمة بها دستور وسيادة القانون والنظام العام، لافتا الى الخطة التنموية الأولى التي بدأت في 2010 فشلت حسب إعلان رئيس الوزراء، وذهبت معها 36 مليارا المخصصة لهذه الخطة، وبدأنا بالخطة الثانية من 2015 الى 2020 المتبقي منها سنة مالية واحدة، والتي يبلغ عدد مشاريعها 133 مشروعا لم ينجز منها سوى 3 مشاريع فقط، و60 مشروعا لم يوضع لها حجر أساس، وهذا ما يشير إلى تراجع مركز الكويت في المؤشرات الدولية خلال السنوات الأخيرة على مستوى العالم، والمركز السادس خليجيا.

وتابع أن سبب التراجع والتخلف هو الفساد المرتفع في المؤشرات الدولية، والذي يصاحب تراجعا خطيرا في الحريات، التي جاء ترتيب الكويت عام 2018 بناء على تصنيف إحدى المنظمات الدولية عالميا 108 بنسبة 31 بالمئة في مؤشر الديمقراطية والحريّة، ولعل الخطورة تكمن في أنه حسب تصنيف منظمة فريدوم هاوس، الدولة التي لا تحصل على نسبة 37 بالمئة في الحريات يعتبرونها دولة قمعية، علما بأن الأحكام الصادرة بالحبس للمغردين في الكويت وصلت إلى 460 سنة حبس، وهذا واقع مؤلم لا يعكس تاريخ ولا ريادة الكويت، ولا يتناسب مع مفهوم دولة المؤسسات العريقة في المنطقة".

بنود مشبوهة

من جانبه، قال النائب السابق صالح الملا: لا نستغرب اذا كان موقع الكويت في مؤشرات هذا الشكل السيئ، فكل ما تقوم به الحكومة اليوم هو فقط تسلّم إيرادات النفط وصرفها على الباب الأول، وهو الرواتب، موضحا أن حجم تبديد الأموال الذي مارسته الحكومة تحت بنود مشبوهة وصل إلى مليار و600 مليون دينار، قيمة مهمات خاصة ومكافآت لغير موظفي الدولة، واحتفالات ونثريات وغيرها.

وأضاف: إذا كان رئيس الوزراء يتذمر، فماذا ترك لنا؟ فنحن نراه مستاء من الفساد والتعيينات الباراشوتية، فهل التجاوزات موجودة في القطاع الخاص الذي لا يملك سلطة مباشرة عليه، أم في مؤسسات الدولة التي تقع تحت مسؤوليته بشكل مباشر؟ مؤكدا أن منظمات الشفافية العالمية لا يقع بين يديها تقارير حقيقية أو غير دقيقة، لتقييمنا، لاسيما أن السلطة مارست الإرهاب والابتزاز على جمعيات النفع العام والناشطين، لذلك نرى أن الكويت قفزت مراكز متقدمة في مكافحة الفساد، على الرغم من اعتراف أحد الوزراء بوجود اختلاسات من المال العام من مسؤولين حكوميين تجاوزت ملياري دينار.

وقال: "نريد أن يستوعب الشارع ان هذه المؤشرات هي نتائج مقلقة جدا، فالوضع سيئ جدا، وأؤمن تماما بأنه لا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادي أو في القطاعين التعليمي أو الصحي، ما لم يكن هناك إصلاح سياسي.

وشدد الملا على أهمية إعادة النظر في الدستور الحالي، فمشروع تعديل الدستور أصبح ضرورة، إن أردنا أن نتطور، أو إذا أردنا إصلاحا سياسيا، مشيرا الى أننا "منذ 2003 حتى الآن لم يستمر مجلس أمة فصلا تشريعيا كاملا، لذا فإن الاستقرار السياسي لن يكون إلا بإعادة النظر في الدستور، وأنا لا أدعو لا سمح الله إلى سحب صلاحيات صاحب السمو، أو الدخول في موضوع توارث الإمارة وغيره، بل أدعو إلى تعديل بعض المواد التي تعطي الصلاحية للشعب بالرقابة أكثر من الحالية، تعزيزا للمشاركة الشعبية والقيم الديمقراطية والحريات، وتخلق نوعا من الاستقرار السياسي للعمل داخل البرلمان".