● ماذا يدور في "قهوة الصحافة"؟

- يدور فيها أحاديث كثيرة، وروايتي "قهوة الصحافة"، تحكي قصة العلاقة المتشابكة الأغصان بين الصحافة والسياسة منذ صدور قانون تنظيم الصحافة المصرية عام 1960، حتى تسعينيات القرن الماضي، وتوضح دور المال السياسي المحلي والأجنبي في رسم مصائر العاملين في هذه المهنة، حيث تقدم الرواية نماذج درامية وشخصيات لصحافيين يعملون في صحف حكومية وحزبية، لاسيما أن المادة الأولية لهذه الرواية تشكلت في وجداني منذ عملي بمهنة الصحافة، والتحاقي بقسم الصحافة بكلية الآداب بجامعة أسيوط، وعملي في صحف حزبية وحكومية ومستقلة، وهي رحلة دراسة وعمل امتدت 35 عاما، ومازلت أعمل في مهنة الصحافة.

Ad

«26 أبربل»

● ولكنها ليست المرة الأولى التي تتناول فيها عالم الصحافة في كتاباتك؟

- بالفعل، سبق لي أن تناولت عالم الصحافة في رواية عنوانها "26 أبربل"، وصدرت منذ عشر سنوات، وقدمت خلالها جوانب من عالم الصحافة المصرية المستقلة، وجانبا عن صحافة ليبيا التي حاول أن يوحدها سيف الإسلام القذافي قبل سقوط نظام الحكم بثورة 17 فبرابر 2011.

«عرق الصبا»

● صدر لك قبل أشهر رواية "عرق الصبا"، فهل كان الوقت كافيا لنضوج فكرة "قهوة الصحافة"؟

- رواية "عرق الصبا"، التي صدرت هذ العام مكتوبة منذ عامين، ولكن تأخر نشرها فقط، وهي بعيدة عن عالم الصحافة، وتعد محاولة لرصد تاريخ من أهملهم التاريخ، وقد التقط هذه الرؤية الشاعر الناقد عبدالرحمن مقلد في دراسة له حول الرواية، نشرتها مجلة "عالم الكتاب" المصرية، وقدمت فيها انموذجا لقرية صعيدية تضم أعراقا مختلفة، ومصالح متناقضة لجماعات بشرية جمعتها الظروف السياسية التي مرت بها مصر منذ الحملة الفرنسية، وقد كانت تلك الحملة مقدمة لمصر الحديثة الأوروبية التي أرادها محمد علي من خلال ما قام به من إجراءات قضت على مصر التي عاش أهلها تحت حكم العثمانيين والمماليك قرون العصور الوسطى.

حياة المهمشين

● هل تشغلك فكرة التأريخ من خلال الرواية؟

- يشغلني حياة المهمشين والضعفاء، فقدمت في "عرق الصبا"، الصراع على السلطة والثروة بين القبائل القوية والضعيفة، والتي كانت تنحاز إلى فريق همام الهواري والأخرى كانت تنحاز إلى فريق علي بك الكبير في الفترة التي سبقت قدوم الحملة الفرنسية، ورصدت تفاصيل حياة الناس في الصعيد في ظل خلفاء محمد علي، حيث شهدت منطقة "قاو الشرق"، التابعة لمركز البداري في جنوب أسيوط في عهد الخديوي اسماعيل ثورة فلاحين بقيادة شيخ صوفي هو "أحمد الطيب"، وتصدى لها الخديوي اسماعيل بقوات الجيش تحت قيادته شخصيا، وقتل المئات، ونفى المئات الى السودان، وهي ثورة تفجرت بسبب الضرائب التي فرضها على الناس لسداد الديون التي استدانها من أوروبا، وهذه الثورة لا تذكرها كتب التاريخ الرسمية بينما هي في الذاكرة الشعبية، ومازالت حية على هيئة مواويل وحكايات تصف ما جرى من مذابح وتنكيل بأهالي هذه المنطقة، التي دكت المدافع الحكومية البيوت على الأهالي القاطنين فيها، وهرب من هرب ومات من مات، وهذا التاريخ عرفته منذ طفولتي، وحاولت رصده في "عرق الصبا"، كما ورد على ألسنة الناس في قريتي والقرى المحيطة، حيث تقع قريتي غرب النيل، وتقع "قاو الشرق"، شرق النيل، والتواصل قائم بين أهالي المنطقتين، والحكايات الخاصة بهذه الثورة توارثها الناس، وتحولت لتاريخ شعبي يختلف عن التاريخ الرسمي بطبيعة الحال.

من الشعر للرواية

● بدأت مسيرتك الأدبية بكتابة الشعر العامي، كيف جاء الانتقال إلى الرواية؟

- نعم، كتبت شعر العامية في بدايتي، ونشرت لي قصائد في عام 1989، في مجلتي "أدب ونقد"، و"الثقافة الجديدة"، ولكن حدث لي تطور تمثل في لقاء بعض المبدعين الأكبر مني ونصحوني بالاتجاه إلى القص، واستمعت لنصحهم وهجرت الشعر، وكتبت القصص عقب قراءة أعمال للكاتب الصعيد الراحل يحيى الطاهر عبدالله، وهو كاتب كبير ينتمي إلى منطقة الأقصر، وتعلمت منه أن حكايات الناس هي الأصل في الإبداع، وأن الأدب لابد أن يعبر عن حياة وأفكار هؤلاء الأهل صناع الحضارة، وحملة الثقافة الموروثة، وفي عام 1998، كتبت أولى رواياتي "عقد الحزون"، ونشرتها في عام 1999، وتوالت الأعمال، فمن أعمالي القصصية مجموعة "غرب النيل"، وكتب عنها الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي في يومياته بجريدة الأخبار المصرية، كما كتب الأديب الكبير الراحل عبدالوهاب الأسواني عن روايتي "عقد الحزون" مقالة قدمني بها للقراء.

وكان هذان المبدعان الكبيران هما من قدماني للوسط الثقافي المصري، ثم كتب الراحل فاروق عبدالقادر عني ضمن دراسة له عن جيل التسعينيات، ونشرها في مجلة "الكتب وجهات نظر"، وضمنها كتابه "في الرواية العربية المعاصرة"، الذي صدر فيما بعد عن دار الهلال المصرية، وقد جربت كتابة الأشكال الأدبية المختلفة، واكتشفت أن عطائي في الشكل الروائي هو الأفضل، فتوقفت عن الشعر والقصة، وقررت أن أكتب الرواية، وقدمت اثني عشر عملا أدبيا على مدى 25 عاما، منها "عشروايات"، وأغلبها يتناول حياة الذين استفادوا من المنجز الذي قدمته ثورة يوليو 1952، وما جرى على حيواتهم من تحولات.

البيئة الصعيدية

● هذا يدفعنا إلى التساؤل عن المكونات الثقافية التي شكلت وجدانك؟

- نشأت في بيئة الصعيد، وهي بيئة تضم عناصر الثقافة المصرية، حيث العنصر العربي هو الأقوى، فقريتي "كوم العرب"، تضم فروعا من قبائل عربية مثل: بنوسليم، وهذيل، وجهينة وبنومرة، وهذه القبائل توطنت في عصر محمد علي وما قبله، وجاءت من المغرب العربي، حيث شاركت في تغريبة بني هلال، ثم عادت لتستقر في وادي النيل، وهناك أيضا العنصر الثقافي القبطي، حيث ان منطقة اخميم وكوم اشقاو مجاورتان لقريتي، وكلها حاليا تتبع محافظة سوهاج، لهما أثر في ثقافة قريتي، وكل العرب الذين استقروا في هذه المنطقة، وهناك بقايا حكايات وأساطير تعود لعصور الفراعنة، وساهم التشابك الثقافي بين الثقافات الفرعونية والقبطية والعربية في خلق خصوصية ثقافية للقرية التي عشت فيها، وتشربت من ثقافتها، وتجلى هذا التنوع الثقافي في الحكايات الخرافية والعادات والتقاليد واللهجة والسلوك، وحاولت أن أعبر عن هذا كله في أعمالي كما في "درب النصارى"، وهو عمل قصصي يحمل سمات ما ذكرته من تنوع ثقافي.

25 عملاً أدبياً

صدر للأديب خالد إسماعيل أكثر من 25 عملا أدبيا منها عشر روايات وأشهرها "درب النصارى"، و"غرب النيل" قصص، ومن الروايات "عُقْد الحَزُّون " و"كحل حَجَر"، و"العباية السُّودَا"، و"أوراق الجارح"، و"26 أبريل"، و"ورطة الأفندي"، "وزهرة البستان"، و"أفندم أنا موجود".