اتّهم المرشّح الرئاسي نبيل القروي الذي أُطلق سراحه بعدما كان موقوفاً بتُهم غسل أموال وتهرب ضريبي، الخميس منافسه قيس سعيّد بأنه «ذراع» لحزب النهضة ذي المرجعيّة الإسلاميّة الذي تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانيّة بنيله 52 مقعداً.

وقال القروي في مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونيّة خاصّة، هي الأولى له منذ إطلاق سارحه، إنّ «قيس سعيّد هو ذراع من أذرع النهضة، مثلما كان المنصف المرزوقي».

Ad

وقال القروي، رئيس حزب «قلب تونس» الذي حلّ ثانياً في الانتخابات التشريعيّة بنيله 38 مقعداً، «لن ندخل أبداً في حكومة النهضة... التي لم تفعل شيئاً للتونسيّين منذ 8 سنوات»، مضيفاً «برنامجنا غير برنامج النهضة».

وتابع القروي «الائتلاف الحاكم هو من وضعني في السجن».

ونفى القروي الخميس أن يكون قام «بأيّ توافق» مقابل خروجه من السجن، وذلك في أوّل تصريح صحافي له منذ خروجه من السجن. وأضاف «بالأمس، أخرجني القضاء، ولم أقم بأيّ توافق مع أيّ طرف، لا النهضة ولا الحكومة ولا يوسف الشاهد».

وكان القضاء التونسي أطلق الأربعاء سراح القروي (56 عاماً) بعد توقيفه 48 يوماً.

وتتزامن تصريحات القروي مع انطلاق محتمل للمشاورات بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، توصّلا إلى توافقات لتشكيل الحكومة.

واستؤنفت الخميس حملة الانتخابات الرئاسية غداة إطلاق سراح القروي الذي يبقى أمامه يومان لإقناع ناخبيه بالتصويت له قبل موعد الاقتراع الأحد.

وظهر القروي في بدلة سوداء وقميص أبيض جاهزاً لمواصلة حملته. وقال «نشكر القضاء...تونس لديها قضاة شرفاء، رغم الضغط السياسي، أعطوا لكل ذي حق حقه».

ومع خروج القروي من سجن «المرناقية» بالعاصمة تونس، استقبله أنصاره رافعين صوره وغادر في سيارته محاطاً بمواكبة أمنية قبل أن يلتحق بأعضاء حملته في مقر الحزب بالعاصمة.

ويشمل قرار الإفراج أيضاً شقيقه غازي القروي المطلوب لدى القضاء والذي ترشّح عن دائرة بنزرت (شمال) وفاز بمقعد نيابي، ولم ترشح أيّ معلومات عنه وعن مكان وجوده، ويتواصل التحقيق مع نبيل القروي رغم إطلاق سراحه.

وكان القضاة رفضوا في السابق مراراً مطالب افراج عدة تقدم بها محاموه منذ توقيفه في 23 أغسطس الفائت وقبل انطلاق حملته الانتخابية.

وأظهر مقطع فيديو للقروي نشر في فيسبوك ليل الأربعاء لقاءه أعضاء حملته وهو يشكر زوجته سلوى السماوي التي قامت بحملته بالوكالة طيلة غيابه، وقال «لا أعرف هل بإمكاني أن أُقدِّم أفضلَ منها».

والجمعة ينوي القروي التوجه إلى بنزرت مسقط رأسه، على أن يشارك مساء في تجمّع حاشد في وسط تونس.

واستأنف منافسه سعيّد حملته الانتخابية بعد أن قرّر السبت الفائت تعليقها شخصياً «لغياب مبدأ تكافؤ الفرص» بينه وبين القروي في مخاطبة الناخبين.

وعنونت صحيفة «المغرب» الخميس «الافراج عن نبيل القروي... وماذا بعد؟»، وقدرت أن «الحيز الزمني سيكون ضيقاً للحملة الانتخابية وقد يفضل القروي التحرك في جهات رمزية».

وقال المحلل السياسي سليم خراط إن «إطلاق سراح القروي يهدئ التوترات، لأن اللعبة غير المتكافئة كانت تنطوي على مخاطر مقلقة بإلغاء الاقتراع».

وتابع أن القروي «سيحاول استلحاق تراجعه في الاستطلاعات، لكن شيئاً لم يحسم، ما لم يحدث تجيير أكبر للأصوات لمصلحة قيس سعيّد» الذي دعت أحزاب عدة بينها حزب النهضة للتصويت له.

ولم يتمكن القروي من حضور المناظرة التلفزيونية قبل الدورة الأولى وشارك فيها سعيّد وباقي المرشحين الـ 24 ولقيت متابعة كبيرة من التونسيين.

وشكّل سعيّد (61 عاماً) مفاجأة الدورة الأولى، وهو لم يُنظّم حملةً انتخابيّة واسعة، واقتصرت غالبيّة تحرّكاته على بعض الزيارات الميدانيّة لأحياء في العاصمة تونس، ويقول عنه طلابه بأنّه شخص كرّس حياته لمهنة التدريس، وهو يظهر في صورة الإنسان المستقيم والصّارم، ونادراً ما يبتسم.

وأطلقت عليه تسمية «روبوكوب» من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لأنه دائماً ما يتحدّث اللغة العربيّة بطلاقة وبصفة مسترسلة دون توقف.

ويرفع لواء مبادئ الثورة التونسية انطلاقاً من شعار «الشعب يريد، نحن لا نستطيع تغيير الجغرافيا ولكن نستطيع تغيير التاريخ» ويدعو إلى لامركزية القرار السياسي وتوزيع السلطة على لجان محلية.

ويتقدم سعيّد للرئاسة مدعوما بحزب «النهضة».

ويدعى الأحد أكثر من سبعة ملايين تونسي لاختيار رئيس للبلاد. وناهزت نسبة المشاركة في الدورة الأولى خمسين في المئة.

وأفرزت الانتخابات النيابية التي توسّطت دورتَي الرئاسية، فوز النهضة بـ 52 مقعداً تلاه حزب القروي «قلب تونس» بـ 38 مقعداً. وتأكّد مشهد البرلمان المشتّت الكتل بغياب حزب ذي غالبية تُمكّنه من تشكيل حكومة والمصادقة عليها في البرلمان بـ 109 أصوات.

ويرى مراقبون أن توقيف القروي كان له تأثير على الانتخابات التشريعية بالرغم من كونها أهم من الرئاسية بالنظر إلى أن صلاحيات رئيس البلاد حسب الدستور تبقى أقل نسبياً من صلاحيات رئيس الحكومة.

ويكلف الرئيس المنتخب بملفات الدفاع والأمن القومي والشؤون الخارجية أساساً.