قليلون من قدروا الموقف السعودي الهادئ والمتعقل في مواجهة الهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية، فقد أصاب الهجوم أكبر معامل معالجة النفط العالمية في شركة أرامكو في موقعي بقيق وهجرة خريص، التي يراها البعض أنها تشكل رئة العالم النفطية، لذلك أصيب كثير من دول العالم بالذعر خوفا من أن تسبب تلك الأضرار منع تدفق الطاقة إليها، ولكن بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الطاقة السعودي وبحضور رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو والرئيس التنفيذي للشركة فقد اطمأن كثير من دول العالم بعد ذلك المؤتمر بعد أن تم إخبارهم من المسؤولين في الشركة بأن الشركة قد عادت إلى قدراتها الطبيعية قبل الحادث، وأن أحدا من عملائها لن يتأثر، مؤكدا أن المملكة ستستخدم مخزوناتها النفطية الكبيرة لتعويض عملائها حتى يتم إصلاح الخلل الناجم عن العمل الإرهابي الإيراني.

وحاول الوزير والفريق الذي معه أن يكونوا مهنيين في ذلك المؤتمر، فالتزموا بالإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالنفط وتجنبوا الإجابة عن الأسئلة السياسية والعسكرية، وأكد خادم الحرمين الشريفين في لقاء جمعه مع ملك البحرين أن المملكة قادرة على التعامل مع آثار العمل التخريبي الذي يستهدف المملكة واستقرار إمدادات الطاقة العالمية.

Ad

كما أكدت المملكة موقفها المتعقل عندما طالبت بإجراء تحقيق دولي ليحقق بذلك العدوان الآثم ونوعية الأسلحة المستخدمة فيه ومصدرها، وستنتظر نتائج ذلك التحقيق، وقال الكاتب عبدالرحمن الراشد في مقال له في الشرق الأوسط: "قبل العدوان الإيراني على المملكة بأيام قليلة وردت أنباء من العراق أن تنظيمات مسلحة عراقية موالية لإيران ستقوم بعمليات ضد أهداف أميركية. وقد تعزز هذه الرواية بأن الهجوم على السعودية جاء من العراق"، ولعل الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي إلى السعودية لينفي هذه الرواية، ويؤكد أن العراق لن يسمح أن تنطلق من أراضيه أي عدوان على جيرانه، ولكن المشكلة تتمثل في أن هناك ميليشيات عراقية مسلحة تعلن ولاءها لإيران، وحتى الآن لم تتمكن الحكومة العراقية من السيطرة عليها.

وفي 22/ 9 الماضي ألقى الرئيس روحاني خطابا أثناء حضوره عرضا عسكريا في طهران أقيم بمناسبة ذكرى بداية الحرب العراقية الإيرانية، وأعلن في ذلك الخطاب أنه يفتخر بوجود نفوذ لإيران في لبنان والعراق واليمن وسورية وفلسطين، وأن إيران ستقدم خطة في الأمم المتحدة لضمان أمن الخليج ومضيق هرمز وأسماها الأمل، ودعا إلى خروج القوات الأجنبية من دول الخليج مدعيا أن وجود تلك القوات هو الذي جلب المصائب والمعاناة للمنطقة، وأن المنطقة ستصبح أكثر أمنا إذا خرجت تلك القوات منها، واضح من الخطاب الإيراني أن هذا النظام مازال متعنتا متشددا متعطشا للحروب، ولكن العالم أذكى منه فلا يوجد أحد سوى النظام الإيراني يريد أن يجر المنطقة إلى حرب يسقط فيها آلاف الضحايا، وهكذا أدى التشدد والتعنت الإيراني إلى تشديد العقوبات على ذلك النظام وتعاطف معظم دول العالم مع الموقف السعودي الهادي والمتعقل.