شوارع مزدحمة، ومبان حكومية مكتظة بالمراجعين، وجامعات وكليات تلفظ أنفاسها بسبب الكثافة الطلابية، ومستشفيات مرضاها ينتظرون الغرف الخاصة، كل هذه السيناريوهات بدأت مجددا ترجع مع عودة الحياة إلى الشارع الكويتي الذي أصبح يعاني سوء التخطيط، خصوصا أن بعض سكان المناطق أصبحوا الأكثر ضررا بسبب جيرانهم من الجامعات والكليات ومركبات الطلبة الذين لا ذنب لهم لعدم وجود مواقف تكفي سياراتهم. الحلول لا تزال غائبة رغم وجود البدائل التي تعاني أيضا عيوباً في التصميم وغيرها، وكأن الأموال التي تصرف عليها أصبحت ضريبة مفروضة على الحكومة لبعض المتنفذين الذين يتاجرون بأموال الشعب "على عينك يا تاجر"، في حين الشعب مستمر في مسلسل التذمر الذي لا ينتهي. وعودة الى مشاريع التنمية التي لا تزال تحت رحمة الرسام الذي ما إن ينتهي من الصورة حتى يكتشف أن ألوانها سيئة ومتداخلة ومشوهة، والسلطة التشريعية مستمرة في نومها وأحلامها، بعد أن "كبّرت" الوسادة ووضعت المجلس تحت "لحافها" الذي يتجاوز الملايين، لأنها تخشى على نوابها من البرودة الشديدة والإنفلونزا المعدية التي لا يوجد لها أي علاج إلا عبر الشنط السوداء.

الكويت التي كانت درة الخليج وسباقة في نهضتها وتطورها وعمرانها واقتصادها وديمقراطيتها وفنها وثقافتها تراجعت اليوم كثيراً بسبب فساد الحكومة وتواطؤ المجلس، والمرحلة المقبلة ستكون الأكثر سخونة في ظل تصاعد وتباعد وتطور الأوضاع في مختلف الصعد، وعلى الحكومة أن تكون أكثر يقظة لضبط الأمور ورصد المتغيرات في دول الجوار حتى لا تخترق سواحلنا طائرة مسيرة أو غيرها من المندسين الذين لا همّ لهم سوى تراجعنا؛ لأن أي تطور لكويتنا وعودة نهضتها سيكون السكين التي سنضرب بها كل الحاقدين الذين يخشون ديمقراطيتنا ووضع دولتنا عالميا.

Ad

ستبقى كويتنا الأفضل والأسمى بسمو قيادتها وشعبها بعيداً عن فساد المتنفذين وضعف الحكومة والمجلس الذين يجب إعادة هيكلتهم جذرياً، ومحاسبة بعض الوزراء على تراجع أدائهم وإحالة قياديين الى النيابة لتورطهم في ملفات لا تخفى على الجميع، فضلا عن إيجاد تشكيلة حكومية جديدة نستطيع أن نواجه بها الفرق الأخرى، خصوصاً في اللعب مع نواب لا يفقهون في الكرة، ويفضلون المراجيح لأنهم اعتادوا عليها منذ نعومة أظفارهم في الساحات.

الأدهى من ذلك هناك من ينتقد ويهدد بالمحاسبة وكشف التجاوزات والمتجاوزين، ولكن سرعان ما تذهب كل هذه الأمور أدراج الرياح، وتتحول اللغة الخشنة إلى ناعمة أمام بعض المصالح التي فضلها نائب على مصلحة شعب.

متى ستعود درة الخليج؟ هذا السؤال يفترض أن يطرحه فطاحلة التخطيط التنموي في البلاد بعد أن سئمنا الأوهام والأحلام، وأصبحنا نستيقظ كل يوم على مفاجأة من العيار الثقيل.