المشهد في المنطقة يبدو كما لو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أخذنا في جولة داخل بيت الرعب في إحدى مدن الألعاب الترفيهية، وكما يفعل الأب مع أبنائه داخل بيت الرعب من تهدئة روعهم كلما مروا على مشهد مخيف، مع تهيئتهم للمرور على الصدمة المرعبة التالية، يفعل ترامب نفس الشيء مع دول الخليج العربي بعدد من التصريحات المربكة بعد كل اعتداء إيراني على المملكة العربية السعودية التي تشكل قلب المنطقة.

منذ ضرب المنشأة النفطية في الدوادمي مايو الماضي، ومروراً بأحداث مضيق هرمز، وناقلة النفط الإيرانية التي تحدت أميركا وحلفاءها ورست في سورية وحقل الشيبة، وأخيراً الضربة الإرهابية الموجعة في بقيق وهجرة خريص بالسعودية، ودونالد ترامب يناقض نفسه ودون مصداقية ويلعب دوراً خطيراً رغم أنه من أدخل المنطقة في هذا الموقف بسبب فرضه عقوبات على طهران من أجل إعادة تحجيمها دون تغيير أفعالها في المنطقة، بما يضمن أمن إسرائيل وبصفة خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، دون أن تكون لدى الإدارة الأميركية خطة لمواجهة مقاومة طهران لذلك الحصار الاقتصادي عليها وحجم ردود أفعالها.

Ad

تصريحات ترامب السخيفة عن استغناء الولايات المتحدة الأميركية عن نفط الخليج العربي والمطالبة بدفع الأموال لتقديم الحماية غير الموجودة فعلياً مع توالي الهجمات الإيرانية المتتالية منذ أشهر، توضح فعلياً أن الإدارة الأميركية مهتمة بعقد اتفاق سياسي مع إيران فقط دون أي مراعاة لأمن المنطقة وأمن حلفائها، وعندما لم يرد المجتمع الدولي على هجوم الدوادمي وصلت رسالة إلى طهران أن واشنطن والمجتمع الدولي قد أعطياها الحق بالتنفيس عن أزماتها أثناء المفاوضات على الساحة الخليجية وفي مياه الخليج العربي دون عقاب أو ردع.

المفاوضات بين إيران والأوروبيين وواشنطن ستطول، وإيران تختنق اقتصادياً، وإذا ضاق بها الحال فستقوم مجدداً بإرهاب العالم بعملية تدمير في الشقيقة السعودية، خصوصاً أن هناك انطباعاً ترسخ لدى الإيرانيين بأن العالم يخشى مواجهتهم عسكرياً، كما أن العالم غير معني بما يسمى بالدفاع عن الأمن الاقتصادي الذي تطرحه دول مجلس التعاون الخليجي منذ بداية السلوك العدواني لطهران في المنطقة.

لذا ورغم أمنياتي الشخصية بأن تتوقف إيران عن تلك الأعمال العدوانية، وأن يحفظ الله المملكة العربية السعودية، فمن الواضح أنه إذا لم يكن هناك رد على هجمات إيران المتتالية يتناسب مع فداحتها فإنها ستضرب مجدداً وبشكل أكثر تهوراً ودماراً، وهو ما سيجعل المنطقة على صفيح ساخن فترة طويلة مقبلة.