التحرك الذي تقوده بعض الأطراف لتشكيل كيان معين لتنظيم صفوفهم خلال المرحلة المقبلة للعمل السياسي محاولة منهم لإحياء الدور الحقيقي لمجلس الأمة عبر إيصال رسائل للنواب الذين يغردون خارج السرب بسبب دورهم الهابط "لا يهشون ولا ينشون"، هو تحرك سليم رغم تأخره كثيرا عن المحاسبة الفعلية والحقيقية لهؤلاء النواب الذين تناسوا دورهم في الرقابة والتشريع، وتفرغوا لإنجاز المعاملات كالمناديب لأنها حجة الضعيف دائما بأن معاملة المواطن هي الأهم، رغم أن الوطن يسمو على كل شيء.

ولكن من الذي دفع هؤلاء النواب لنسف قواعد العمل النيابي، والتحول إلى أدوات بيد بعض الأطراف لتنفيذ رغباتهم التي يتضرر منها الشعب عادة؟

Ad

إن بعض المواطنين يتحملون المسؤولية في ذلك إن لم يكونوا شركاء معهم في تجاوزاتهم والتفافهم على القانون، لأن همهم الأول والأخير هو إنجاز المعاملة مقابل التطبيل لنواب لا وجود لهم سوى أجساد تجلس على الكراسي لأنهم لم يجدوا أي محاسبة فعلية من ناخبيهم الذين "يتحلطمون" عادة بعدم إنجاز معاملاتهم، ولكن ما إن تنفذ طلباتهم حتى يتناسوا كل شيء، ويبدؤوا بتجميل صورة هؤلاء النواب وإقامة الموائد على شرفهم، فضلا عن قصائد الشعر وغيرها من أدوات النفاق التي أضاعت حقوق الشعب الفعلية.

البعض يتضرع بحجة الحاجة لهذا النائب، والظروف هي من أجبرته على ذلك، لأن هناك من يريد الناخب دائما تحت سطوة النائب والمعاملات لا تنجز إلا عبر الواسطة، ورغم صحة هذا الأمر فإن من المفروض إلزام النواب ومحاسبتهم على عدم إقرار تشريع صريح بعدم قبول معاملات النواب، وتطبيق القانون على الجميع، مع تجريم الواسطة ومحاسبة كل من يسعى لها حتى يتم القضاء عليها تدريجيا، لأن لكل مواطن حقوقا وواجبات كفلها الدستور والقانون دون أي ابتزاز حكومي أو نيابي، وهو مقترح يجب أن يتحرك عليه مجلس الأمة لإقراره خاصة أن المنافسة أصبحت أيضا بين بعض أعضاء السلطة التشريعية بسبب عدم فتح الأبواب بأوسعها على بعضهم، في حين هناك من تمرر معاملاته بإشارة منه واعتماد طلباته كافة دون تردد، الأمر الذي يحرج منافسيه لا سيما إذا كانوا من الدائرة نفسها.

الحكومة التي تسعى جاهدة إلى إخضاع بعض النواب ووضعهم في جيبها الصغير بات أمرها واضحا تماما، وخصوصا عندما تكون المصلحة مشتركة مع بعض المتنفذين من أصحاب القرار الذين همهم الأول والأخير لفت الأنظار وإظهار البطولات الزائفة.

إن الجميع شركاء في صنع القرار وإعادة الروح للبرلمان وتفعيل دوره الرقابي والتشريعي، ولن يتم ذلك إلا بطرد النواب المتخاذلين من الدواوين ومحاسبتهم أمام الجميع ومنع المجاملات وسياسة الضحك على الذقون وإيجاد كيانات من الجنسين يكون لها تحرك بارز في المناطق لتوجيه الناس وإزالة الأقنعة عن عيونهم، لكي يروا الصورة واضحة.