في أجواء تشكيلية ثقافية ضمت مجموعة من الفنانين والمهتمين في قاعة الفنون بضاحية عبدالله السالم، أقيم حوار للفنان التشكيلي عبدالهادي شلا نظمه المرسم الحر، وأداره الفنان الكبير سامي محمد، وشارك فيه أيضاً الأديب طالب الرفاعي.

في البداية، شكر الفنان القدير سامي محمد المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لاستضافة الفنان شلا، وقال إن الأخير "عاش في الكويت سنوات طويلة، وحضر نشأة الحركة التشكيلية في الكويت، وساهم مع الفنانين في المعارض، والفعاليات، وتشهد صالة الفنون على تاريخه الفني الحافل بإنجازاته الرائعة"، مستعرضاً خطواته الحافلة في الفن، وعطائه المتميز بالإبداع.

Ad

من جانبه، قدم شلا تصوراً جميلاً عن تجاربه الفنية، وقال "أعتبر نفسي جزءاً من المجتمع الكويتي، وأشكر المجلس الوطني للثقافة على حفاوة الترحيب، وسعيد بلقائي الفنانين والأصدقاء والزملاء بعد سنوات طويلة، أعتز بهم وبمعرفتهم، وهذا الشيء يسعدني، ويرفع معنوياتي.

وتحدث شلا عن أزهى وأجمل الفترات الزمنية في حياة الحركة التشكيلية في المنطقة، "ففي ذاك الوقت حين عدنا من القاهرة بعد الدراسة، كانت هناك طاقة رهيبة، وشعور بأننا نريد أن ننجز أعمالاً تحقق ثراء في الشخصية لكل فنان فيما يقدمه، والفنان يجتهد على نفسه في أن تكون له رؤية ليحقق هذا الشيء في استمرارية العمل، في عالم الفن والإبداع، وليس من السهل الاستمرار بذلك، فهذا الأمر يحتاج إلى نوع من الاستعدادات منها الاطلاع والقراءات والزيارات ونقاشات وحوارات.

الرعيل الأول

وقال شلا: "حضرت إلى الكويت وحصلت على الثانوية العامة فيها، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ورجعت في هذا الوقت مع المجموعة المؤسسة لحركة التشكيلية الفعلية"، مشيراً إلى أن الحركة الآن تطورت بسبب الاجتهاد للرعيل الأول ومن تلاه أيضاً.

وأضاف أنه كان يمتلك مرسماً مستقلاً، يلتقي فيه مع أصدقاء وفنانين وكتاب ومسرحيين ومطربين وموسيقيين، وكان يجتهد للحصول على خبراتهم المتنوعة والمتعددة كي تكون بمنزلة مخزون لديه، ويستفيد منه مستقبلاً، مستطرداً: "أتصور أنني استفدت من هذا الشيء بسبب انعكاسه في بعض أعمالي فيما بعد، ومن النقاط المهمة في المسيرة، البحث عن الشخصية الفنية وهو ما ساعدني أكثر من شيء في داخلي، إذ كانت لدي جرأه غريبة، وتعلمت على هذا الشيء من أساتذتي في مصر، فقد تعلمنا على يد عمالقة الفن المصري، واكتسبنا خبرات متنوعة، والوصول إلى شخصية فنية، يستوجب عملية "الغربلة أو التصفية".

المرسم الحر

واستذكر شلا أنه كان يتردد على المرسم الحر أربع مرات أسبوعياً، وأكثر جلوسه كان في مرسم الراحل عيسى صقر، وكان صديقاً مميزاً بالنسبة له، ومتابعاً لأعماله في بداية تصميمهم قطع الخشب حتى وضع القطعة النحاسية، وكان يحن إلى تلك الفترة التي كان يتردد فيها على المرسم الحر، حيث كانت هناك معارض يلتقي فيها الفنانون ويتحاورون.

من ناحية أخرى، أوضح شلا أن كل الأعمال الموجودة في صالة الفنون عبارة عن لوحات مرسومة بعدة طبقات لونية، وعدة تغييرات بمجهود يضمن لها الاستمرارية والبقاء، وتحفظ لأكثر فترة دون أن يصيبها أي تفاعل أو تأثر، مضيفاً أنه يتمنى أن يدرك الشباب نقطة مهمة هي ألايتركوا الصدفة مصدرهم الأول للوصل الى أي عمل يريدونه، فالمصادفة تحقق عملاً أو عملين أحياناً، لكنها لا تخلق منهجاً أو مشروعاً فنياً، فيتوجب على الفنان أن يكون قادراً على حل مشاكل العمل الفني بشكل ما".

توازن في الحياة

وتناول مسيرته وخبراته ومراحلة الفنية التي مر بها في حياته، "ففي البداية كانت تسيطر عليّ المواضيع الإنسانية التعبيرية، في ذلك الوقت كانت الحالة العامة فيها معاناة، ووضع الإنسان مضطرب في نهاية القرن العشرين، وتخلصت منها بسرعة، حين أدركت واكتشفت أن العمل يتوجب أن يكون عن طريق مشروع، الفنان لا يترك نفسه لمجرد أنه يسقط أحاسيس على لوحة، مبعثرة بدون رابط وتحكم.

بدوره، رحب الرفاعي بالفنان شلا، وقال إنه تربطه علاقة شخصية به منذ أن كان في الكويت، "وأعتقد أن الفن في أكثر تجلياته يعطي الإنسان القدرة على التوازن مع الحياة، المسرح الرواية والقصة واللوحة والفيلم والقصيدة إذا كانت تقدم شيئاً حقيقياً للإنسان فهي تساعده على أن يتوازن مع لحظة مضطربة، فحياة كل إنسان فيها شيء من القلق والمعاناة، والألم، والتمني، والفن يقدم للإنسان هذه الفسحة لأن يخرج من اللحظة التي يعيشها وينتقل إلى لحظة أخرى يجد فيها توازناً، وهذا جزء مما تقدمه اللوحة التشكيلية.