يُعدُّ الأذان نداء الدين الإسلامي، وأحد أبرز رموزه الذي يدلّ على بلاد الإسلام والمسلمين، ومن ثم ارتباطه بالمسجد، مكان العبادة وتأدية الصلاة، الركن الأهم في فرائض الإسلام.

لذا يُفترض في مَن ينبري لرفع الأذان أن يتوفّر على خصائص بعينها، بأن يكون فصيح اللسان، صحيح النطق، عذب الصوت. فلقد جاء في الحديث الشريف عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

Ad

وهذا يدلل على قدسية الأذان وفضله، وعلى الثواب العظيم الذي خصَّ الله سبحانه وتعالى به المؤذن يوم الحساب، لقيامه بعمل متميّز وعلى قدر كبير من الأهمية.

لذا، ففي الثقافة الإسلامية يُرفع الأذان وفق مقامات معيّنة، تتناسب وتتناغم مع أوقات الصلاة.

فالمقام واللحن اللذان يرفع بهما المؤذن أذان الفجر كي يوقظ الناس من نومهم، ويدعوهم إلى الصلاة وبدء يومهم، يختلف عن المقام الذي يؤدي به أذان الظهر، حيث اشتداد العمل وحرارة الشمس.

وهكذا في تميّز وقت العصر عن المغرب عن العشاء، حيث آخر الصلوات اليومية، وحيث إقبال الإنسان على ظلمة الليل والتهجّد والنوم. وبهذا يجب على المؤذن أن يتوفّر على معرفة بالمقام الخاص بكل أذان، وأن يتفهم ويدرك الفلسفة وراء اختلاف لحن أذانٍ عن أذان، وكيف أن كل مقام يراعي ويتناسب واللحظة الزمنية التي يُرفع بها، آخذاً في الحسبان أوضاع الناس في نومهم وعملهم وقيلولتهم ومغربهم وعشائهم.

لكن الأمر، مع الأسف، يتجلى في مختلف مناطق الكويت بشكل مختلف.

فمع دخول وقت الأذان، ترتفع بعض الأصوات النشاز، في النطق واللحن والأداء. أصوات منفّرة في طريقة تأديتها للأذان، ونطق كلماته بشكل خاطئ، ومنفّرة في لحن الأداء وفي المطّ والتطويل. علماً بأن المفترض وجود مؤذن يرفع الأذان بصوت نديّ عذب، وبنغمة تمسّ روح المؤمن كدعوة محفّزة للصلاة.

أقول ما أقول وأنا أعاني الضيق يومياً لحظة يُرفع أذان الظهر مؤذن المسجد الذي بجانب مكتبي، في مبنى المدرسة القبلية، التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، في منطقة المباركية.

مؤذن بلكنة معوجّة، ونبرة صوت نشاز، وكلمات غير صحيحة النطق، ومبتورة عند نهاياتها، وإساءة كبيرة للأذان وللصلاة ولجميع من يسمعه وهو يقوم بالصراخ. حتى أن زميلاً قال لي: "ليته لا يؤذن، فيصلنا صوت مؤذن آخر".

إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية معنيّة تماماً بالمؤذنين بطول مساجد الكويت وعرضها. وهي أيضاً معنيّة بوضع ضوابط مشددة لمن يُسمح لهم بالتعيين بوظيفة مؤذن، وبالتالي السماح لهم برفع الأذان. ومؤكد أن على الوزارة أن تضع مغريات وحوافز مادية لوظيفة المؤذن، كي يقبل عليها الكثير من أبناء الكويت الشباب، الذين يملكون مؤهلات التوظيف، سواء من خريجي الجامعة أو المعاهد التطبيقية. أولئك الذين أكرمهم الله بحفظ أجزاء من القرآن، وبنطق سليم، وصوت عذب نديّ. وبالتالي بث نداء الإسلام/ الأذان بما يستحق من قدسية وأهمية. هذا إلى جانب توظيف إخوة عرب أو غيرهم ممن المؤهلين لهذه الوظيفة الإسلامية المقدّسة.

صحيح أن مدة الأذان قد لا تتجاوز الدقائق القليلة، وأن كلماته محفوظة، لكن الواجب الديني يقتضي الاهتمام بهذه الوظيفة، لكونها تمثّل واحدة من أهم علامات الدين الإسلامي، وبما يميّزه عن الديانات الأخرى، التي رأت في الناقوس وغيره سبيلاً لمناداة أتباعها.

إن الملاحظة تشير إلى قيام بعض العمالة الوافدة، التي تعمل في المساجد كمنظفين أو حرّاس، يقومون برفع الأذان، بصوت ونطق ولحن غير صحيح وبائس ومسيء للأذان والصلاة والمصلين. ولذا من الأسلم عدم استسهال هؤلاء لمهمة رفع الأذان وقيامهم بدور هم ليسوا أهلاً له. بل إن الواجب يقتضي محاسبتهم على ذلك. وتوجيههم بشكل قاطع بعدم تجرؤهم على رفع الأذان حتى لو تأخر المؤذن أو غاب.

الأذان ثقافة، وصوت دال على الإسلام والصلاة، ومنا للإخوة الأفاضل في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.