تميزت الكويت عن مثيلاتها من الدول بركيزتين أساسيتين في عملها الخارجي، هما ارتفاع سقف الحرية الصحافية، والدبلوماسية الدولية التي تتمتع بها، ومثلت خط الدفاع الرئيس والأول، مما ميز مكانة هذا البلد الصغير في جغرافيته، والفعال في السياسة الإقليمية والدولية، ولا نكشف سراً حين نقول إن هذه الدبلوماسية الناضجة هي نتاج خبرة كبيرة، لحكيم المنطقة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الذي أرسى دعائمها على مر عقود من الزمن.

بالعودة الى ركيزة الصحافة الكويتية التي تعد، إلى وقت قريب، إحدى أدوات القوى الناعمة التي نخاطب بها العالم والمجتمع الدولي، فمن ينسى صحيفة «القبس» ومجلتي «عالم المعرفة» و»العربي»، وتلك المواد الإعلامية والصحافية الكويتية التي عملت مكملاً ومسانداً للجهد الدبلوماسي؟

Ad

وفي هذا الميدان، وخلال تلك السنوات، تميز الكثير من الصحافيين والدبلوماسيين كل في مجاله، إلا أن هناك من رجال السياسة الكويتيين من أبدع في ممارسة الصحافة باحترافية، ومن أهم هؤلاء خالد الجارالله نائب وزير الخارجية الكويتية، وهنا لن أتحدث عن سيرة هذه القامة الدبلوماسية الكبيرة في ممارسته السياسية التي يشهد على تميزها البعيد قبل القريب، بل سأتناول جانباً آخر نعرفه نحن معشر الصحافيين.

فمن عمل مع «بو حازم» من الصحافيين يدرك أن وراء هذه الشخصية صاحبة الكاريزما العالية والحضور الطاغي في مجال السياسة صحافياً لامعاً يتعامل مع المواد الخبرية والإعلاميين بكل حرفية، فكثيراً ما كنا أنا والزملاء نجتمع قبل اللقاءات المرتقبة مع «بوحازم» في احتفالات السفارات أو المناسبات الرسمية للتنسيق على طرح الأسئلة وانتزاع تصريح منه في موقف معين، إلا أن تلك الآمال والخطط سرعان ما كانت تتحطم عندما يبدأ الحوار (مع بوحازم)، فنجده هو من يدير العملية، وكأننا أضحينا تحت تأثير التنويم المغناطيسي، فيذهب وهو «طاقنا عشرة صفر»، يخرج منتصراً من كل معارك اقتناص التصريحات والسبق الصحافي، بل إنه في بعض الأحيان يمعن في نشوة الانتصار، فيصحح لنا كتابة الخبر، ويقترح علينا كلمات معينة غالباً ما تكون هي الأدق في وصف الحدث الذي ننقله إلى القراء.  

وإلى جانب فنياته العالية في إدارة الصحافة والصحافيين فإنه يولي اهتماماً كبيراً بالعنصر الكويتي من الصحافيين، ويقدر ندرة شباب الكويت في هذه المهنة، لذا يحرص على تقريبهم والشد على أيديهم وإعطائهم مكانة مميزة.

ذلك المزيج النادر لرجلِ الدولة الفريد، والصحافي والإعلامي بالفطرة، والذي حبا الله الكويت وسياستها الخارجية به، لم يخالطه أحد إلا تأثر به إيجابا.

على الصعيد  الشخصي لا أجد إلا أمرا واحداً يمكننا فيه أن ننتصر على الصحافي خالد الجارالله وهو «مغافلته»  واقتناص لقاء صحافي موسع، وهو الأمر الذي لم يفعله حسب علمي منذ فترة طويلة، عل وعسى أن يكون بهذا اللقاء أول انتصارات الصحافيين، ولتكون لحظة تفوق التلميذ على معلمه.

* آخر الكلام:

لكم نحتاج إلى استنساخ شخصيات بقدرة وأخلاق «بوحازم» في باقي جهات الدولة.