يواصل صنّاع السينما المصرية الاعتماد على البطولات الجماعية سواء كانت الأعمال المطروحة تضم نجوم الصف الأول أو الصف الثاني، فيما يعتبر وداعاً لظاهرة النجم الأوحد التي تصدرت السينما المصرية نحو عقدين من الزمن، في حين أصبحت مشكلة اجتماع أكثر من نجم بنفس الفيلم لا تشكل عائقاً أمام المنتجين في ظل تحقيق الأفلام إيرادات كبيرة بالصالات السينمائية تغطي كلفة ارتفاع أجور النجوم.

Ad

المنصات الإلكترونية

استفاد المنتجون من العودة القوية في الفترة الأخيرة للتسويق الخليجي من أجل تحقيق مزيد من الإيرادات، فضلاً عن المنصات الإلكترونية التي أصبحت تشكل مصدر دخل إضافي للمنتجين في حين أصبحت كلفة إنتاج الأفلام بالمتوسط تفوق الـ 25 مليون جنيه، وهو رقم لم يكن قابلاً للتنفيذ قبل عدة سنوات.

صحيح أن بعض النجوم يحافظون على تصدرهم للأفيشات الدعائية مثل أحمد حلمي في تجربته الأخيرة "خيال مآتة" لكن حلمي استعان بمجموعة كبيرة من النجوم لمرافقته في التجربة الجديدة أبرزهم منه شلبي، وخالد الصاوي، إذ صدرت أفيشات منفردة لهم بالحملات الدعائية للفيلم، على الرغم من أن حلمي في تجاربه السابقة كان يكتفي بأفيش منفرد له إضافة إلى آخر جماعي مع باقي فريق العمل.

وأصبحت شركات الإنتاج حتى في الأفلام التجارية تعتمد على إشراك أكثر من ممثل من نجوم الصف الثاني بالعمل، وهو ما تكرر في أكثر من عمل منهم "انت حبيبي وبس" لمحمود الليثي وصوفينار والذي عرض خلال موسم عيد الأضحى.

ويباشر عدد من المنتجين الاتفاق على مشاريع إنتاجية ضخمة لمجموعة من الفنانين، منها فيلم سيجمع بين كريم عبدالعزيز وأحمد عز يكتبه أحمد مراد وهو العمل المأخوذ عن رواية "1919"، في حين يتشارك خالد الصاوي مع تامر حسني في فيلم "الفلوس" ويشارك أحمد فهمي مع أحمد في فيلم "العارف".

مرحلة جمود

يرى الناقد أحمد توفيق أن السينما المصرية عانت مرحلة جمود سنوات بسبب البطولة المطلقة وفكرة كتابة العمل من أجل شخص واحد فقط، مما جعل إيرادات السينما تدور في سقف محدد لفترة طويلة حتى مع زيادة الأعمال التي تقدم، مشيراً إلى أن ما يحدث في الوقت الحالي هو بمنزلة إعادة صياغة لوضع لم يكن صحيحاً من البداية.

وأضاف توفيق أنه على الرغم من التراجع العددي للأفلام التي يتم إنتاجها سنوياً فإن هناك زيادة في الأعمال الجيدة التي يتم تقديمها على المستوى الفني، مبيناً أن تحقيق بعض الأفلام إيرادات أكبر من الطبيعي راجع إلى حشد ممثلين كانوا يشتركون في أكثر من عمل بفيلم واحد ومن ثم تم توجيه إيرادات الأعمال التي يشتركون فيها لهذا الفيلم فضلاً عن الزيادة الكبيرة بدور العرض في القاهرة.

وأشار إلى أن مسألة الإيرادات تخضع أيضاً لعدة عوامل من بينها ارتفاع سعر التذكرة وتوافر السينمات الفارهة مما يزيد ما يحصل عليه منتج الفيلم من التذكرة الواحدة، مبيناً أن غياب إحصائية من غرفة صناعة السينما عن تذاكر السينما المبيعة دورياً يؤدي إلى شك في مسألة الإيرادات.

ولفت إلى أن فيلماً حقق على سبيل المثال 10 ملايين جنيه العام الماضي قد يكون شاهده عدد أكثر من فيلم آخر حقق 20 مليون جنيه اعتماداً على الفروق بين أسعار التذاكر والتي تصل إلى 3 و4 أضعاف ما بين قاعات دور العرض بوسط القاهرة والمولات الكبرى وكذلك بعض المدن الساحلية.

من ناحيته، يقول مدير شركة "سينرجي" أحمد بدوي، إن فكرة اختيار الابطال تعتمد على النص الذي يتم تقديمه للجمهور، مبيناً أن فكرة إشراك أكثر من نجم في نفس العمل موجودة بالسينما العالمية وليست اختراعاً مصرياً بل السينما المصرية تأخرت في تقديم هذه النوعية من الأعمال.

وأكد بدوي أن كل تجربة سينمائية يكون لها ظروفها التي على أساسها يتم ترشيح النجوم واختيار الأدوار التي يؤدونها لافتا إلى أن تجارب البطولة الجماعية في معظمها جيدة للنجم وجيدة للجمهور أيضاً، فأي فنان تكون لديه رغبة بتقديم عمل جيد، والجمهور يتحمس لمشاهدة العمل عندما يضم أكثر من نجم.

غياب وعودة

ويرى الناقد محمود قاسم، أن إيرادات أفلام البطولة الجماعية شجعت شركات الإنتاج على تكرار التجربة بأكثر من عمل، لكن في المقابل إذا شهدت هذه الأعمال تراجعاً بالإيرادات فستجدها تتوقف وتعود ظاهرة النجم الأوحد، مبيناً أن السينما المصرية عرفت على مدار تاريخها البطولة الجماعية التي كانت تغيب فترة قبل ان تعود مجدداً وفي كل مرة يكون الغياب والعودة بسبب الميزانيات.

وأضاف قاسم أن البطولة الجماعية عادة ما تكون مفضلة للجمهور إذا كان العمل مقدماً بشكل جيد ويستفيد منه الفنان أيضاً، لافتاً إلى أن الأهم دائماً هو الاستفادة من قدرات الممثلين وعدم الاكتفاء بمجرد وجودهم بعمل واحد فحسب.