• كيف انعكست نشأتك في إحدى مدن الصعيد على تجربتك الإبداعية؟

Ad

- صعيد مصر حالة فريدة، مثله مثل الجنوب في أي بلد، أشبّهه بالحالات الخاصة التي تشذ عن قوانين الرياضيات، ولا تقاس إلا على نفسها، هنا في الجنوب السيرة أطول من العمر. الكلمة رجل والرجل حكاية والحكاية إرث والإرث لعنة واللعنة كنز، والكنز الحقيقي أن تدرك كل ذلك وتتقبله وتتعامل من خلاله، فلا مناص من قبول الأمر برمّته بحلوه ومرّه، الحياة الصادقة قد تكون محرّكاً للالتحام مع الكون في ثباته ودورانه وهدوئه واضطرابه، كل شيء يبدو حقيقيا وقاسيا، الحقيقة العارية حين تراها ربما يدفعك ذلك إلى محاولة قول شيء عمّا بداخلك وما حولك، لن أتطرق لذكر الطبيعة العذراء أو الحضارة القديمة، فهما ما يردده أغلب الجنوبيين في حديثهم عن الصعيد، ساعدتني جميعها قطعاً في تشكيل وعيي، مما ساعدني لأتعلم وأكتب، لكن دعني أسمّي الأشياء باسمها دون تجميل، وبجرعة شجاعة وجرأة وإن كانت مؤقتة أقول إن أكثر ما عانيته في الصعيد ولاأزال أعانيه كان بسبب الفقر، والقبح، والقسوة، والخوف، والجهل، والعصبية. المؤسف أن بقعة القبح تتسع باطّراد وتلطخ تدريجياً جزءاً جزءاً من ثوب العالم، قد نعجز عن إزالتها، لكن بوسعنا أن نشير إليها ونحمي الأبيض المتبقي.

• ما منطلقاتك العامة في الكتابة؟

- أكتب كل ما أحسّه فأصدّقه ويشكل بالنسبة إليّ نقطة انطلاق لعرض مشكلة إنسانية تحتاج أن تُعرف، أحاول قدر جهدي الابتعاد عمّا تعرّض له كل من سبقوني أو من يعاصروني، فالإبداع الحقيقي أن تكون كأعجوبة من عجائب الدنيا السبع، قد يحاكيها الناس، لكن لا يقدر أحد على الإتيان بأعجوبة مثلها.

• ماذا يمثّل لك فوزك بجائزة الشارقة في القصة القصيرة لعام 2018-2019؟

- كان حافزا للاستمرار، وتوفيقاً من الله وتكريماً لجهد كبير بذلته في المجموعة التي نالت الجائزة، الفوز تكليف ومسؤولية أكبر من كونه تشريفاً وفخراً، فالناس تنتظر منك الآتي، وتترقب خطوتك التالية بعدما فرضت وجودك بإبداعك.

• تدريس بعض نصوصك الأدبية لطلاب الجامعات المصرية، هل يحمّلك مسؤولية إضافية؟

- بالتأكيد مسؤولية كبيرة وشرف أكبر من الجوائز أو التكريمات، فلا أهم من أن تكون كتاباتك ضمن مقررات دراسية لطلاب في مراحل جامعية، ويسهم ذلك في تغيير وعي شخوص وتطوير مستواهم التعليمي، أرجو أن يكون الأمر قد حقق الهدف المرجو منه. الجميل أن من يدرسون كتاباتي في الجامعة في نفس مرحلتي العمرية تقريباً، ومنهم من تفصلني عنهم سنتان أو ثلاث تقريباً.

• أيهما تجد فيه نفسك أكثر: القصة القصيرة أم الكتابة للمسرح؟

- جائز أن تكون القصة هي الأقرب إلى قلبي وقلمي، وإنتاجي فيها أكثر، لكن المسرح يشغلني دائماً حتى حين أكتب القصة، وثمة مشاريع في انتظار دورها خلال الفترة المقبلة لأكتبها، وإن لم يكن يشغلني المسرح ككتابة في أوقات معيّنة، فهو يشغلني في كل شيء آخر، فالحياة مسرحية والدنيا مسرح كبير.

• إلى أي مدى حظيت أعمالك باهتمام نقدي؟

- لا أستطيع تحديد حجم الاهتمام على وجه الدقة. كانت هناك أكثر من فعالية ثقافية في مؤسسات ثقافية حكومية وأهلية لمناقشة كتاباتي، تفضل بالمشاركة فيها أدباء مبدعون وأساتذة أكاديميون، وقريباً ستكون هناك أكثر من قراءة نقدية وعدني بها أهل ثقة ستخرج إلى النور من خلال الصحف والمجلات، وإجمالاً سعدتُ بكل من أبدى رأياً، فكونك تشغل أذهان الناس، فذلك من دواعي السرور.

• حصلت على ليسانس الآداب في اللغة الإنكليزية من جامعة جنوب الوادي عام 2017، هل نتوقع - ذات يوم - أن نقرأ لك نصاً بالإنكليزية؟

- كان تدبيراً قدرياً رائعاً أن التحقت بقسم اللغة الإنكليزية في كلية الآداب، وتخرجت فيها، أنا أحب اللغة الإنكليزية ومشغوف بها منذ صغري، ويحمل الأدب الإنكليزي مكانة خاصة عندي دون بقية الآداب الأجنبية، لا أخفيك سراً: أطمح في الكتابة الأدبية بالإنكليزية، وفي مشروعي ترتيب لذلك، لكنه مؤجل لحين إنجاز أمور ومشروعات مهمة راهناً. أتحين الفرصة المناسبة لذلك لأفعلها بجدية وباحترافية كما أحاول فعلها بالعربية، وأزعم أنني حققت شيئاً ملموساً حتى الآن، أيضاً مما يشغلني في هذا الصدد، أن تُترجم أعمالي المكتوبة باللغة العربية إلى الإنكليزية، وإلى أكبر قدر من لغات العالم، فالانتشار حلم أي مبدع في كل زمان ومكان.

• ما العمل الأدبي الذي تعكف على كتابته الآن؟

- في غضون الأيام المقبلة تصدر مجموعتي القصصية «أفواه مفتوحة لا تبتسم» عن دار نشر مصرية، وهي مجموعتي الثانية وكتابي الثاني بعد مجموعة «التقاط الغياب» التي فازت بجائزة الشارقة وتمت طباعتها في دولة الإمارات، كذلك أعكف على التجهيز لمجموعة قصصية جديدة، وهناك مشروع ترجمة من الأدب الإفريقي لعدد من المسرحيات سأتولى ترجمته من الإنكليزية إلى العربية خلال الشهور المقبلة.