إن جُلّ ما يؤخذ من العلم هو صورته لا العلم نفسه... للأسف هذا واقع الجامعات في أغلب أنحاء العالم، حيث لا تمنح علماً بقدر ما تمنح صورته فقط، وهي الشهادات، تمنحها لكل طلابها في حين أن المؤهلين الحقيقيين منهم للإنتاج العملي لا يشكلون سوى نسبة قليلة.

كثير من الطلاب يسعون للحصول على شهادة باسم جميل ومسميات عصرية، لتكون منظراً جميلاً لهم في المجتمع، أو لتهيئ لكل منهم فرصة للزج بنفسه في وظيفة مرموقة، سواء كان كفئاً لها أو لا، ولا شك أن تخصصات تكنولوجيا المعلومات و»إدارة الأعمال» ونحوها تحصد أعلى نسبة في اتجاهات هذه الفئات... ورغم أن هذه التخصصات تفتح مجالاً كبيراً في سوق العمل، فإن واقعها يحتاج إلى عدد أقل مما يشاع، على أن يكونوا من الأكفاء والمتميزين.

Ad

إن الكم الهائل من الشهادات الجامعية التي يتم الحصول عليها فقط من أجل التعيين بوظائف معينة، ومنها التخصصات السابقة، يؤدي إلى خلل اقتصادي، حيث يحصل مَن لا تصل إنتاجيته إلى إنتاجية مهني مبتدئ على راتب الجامعي؛ فمثلاً نجد رئيس قسم نظافة يحمل شهادة في إدارة الأعمال، ولا يقدم ما قد يقدمه عامل نظافة، وكذلك بعض «السكرتارية» يحملون شهادات جامعية في إدارة الأعمال، لكن ما ينجزونه فعلياً من الممكن أن يقوم بها أي شخص أدنى منهم شهادة لاسيما في عصر التكنولوجيا الذي نعيشه.

في ظل هذه الأجواء نجد أن التشريعات وشروط العمل مازالت قاصرة عن إعطاء الفرص للأكثر استحقاقاً؛ وعليه يجب أن يكون من هذه الشروط، ولاسيما للعمالة الخارجية، وجود خبرة عملية بعد التخرج لا تقل عن 5 سنوات في بلادها للاستفادة الفعلية منها، وإبقاء فرص العمل الخاصة بحديثي التخرج لأبناء البلد؛ مما يرفع كفاءتها للإسهام في تنمية الاقتصاد.

وأخيراً، فإن تطور الإنسانية ليس بالتجمل بمظاهر التخصصات الحديثة بل بالإنتاجية العملية العلمية الفعلية.