أول العمود:

Ad

تعداد الوافدين في الكويت يفوق الـ٣ ملايين، ومع ذلك لم تُفكر وزارة الإعلام في أن تفرد لهم برنامجاً تلفزيونياً يخاطبهم ويتيح لهم فرصة للحديث من خلاله!

***

سأتحدث هنا عن شيء في العلاقات الكويتية- العراقية بعد احتلال عام 1990 الكارثي، وأقصد العلاقة الثنائية، طبيعتها وميزانها وشكلها.

هناك رأي شعبي كويتي لا يُستهان به يرى أن تلك العلاقة غير متكافئة من الناحيتين السياسية والاقتصادية، بمعنى أن المُبادر إلى تلطيف الأجواء (أو كما يرى البعض لاتقاء الشر) هو الطرف المتضرر، الكويت، إذ تقدم المساعدات دون انقطاع، وتدعم الحالة السياسية العراقية، تصمت عن إساءات بعض الساسة العراقيين، وكذلك أدوات إعلامية بعينها، تبذل الكثير من الوقت والصبر على ملفات قديمة كالأسرى والمفقودين والمسروقات الكويتية.

هنا نحن نتحدث عن بلد عريق غني كبير، وهو العراق، لكن دائماً ما يُراد طمس هذه الميزات بالقول: نعم... ولكن القوى السياسية فيه فاسدة!

في ظني أن الاستمرار في هذا الشكل من العلاقة لن يؤدي إلى حالة سياسية طبيعية بين البلدين رغم أن الطرفين بحاجة ماسة إلى تلك الحالة، فإلى الآن لا يظهر الاتصال إلا بين القيادات العليا (رئاسة الدولة – البرلمان – قادة أحزاب)، لكنه شبه معدوم في الجانب الأكاديمي والرياضي والفني والأدبي والتجاري، الشعبي والإعلامي والمدني، وهذه الجوانب من علامات صحة العلاقات بين الدول. العراق جار مُعَطَّل بالنسبة إلى الكويت، لم يتم الاستفادة من الفرص الموجودة فيه من أجل تدعيم الاستقرار في شمال الخليج العربي.

لا يُعقل أن نُقنع الشعبين الكريمين، بعد مضي 29 عاماً على خطيئة الغزو الغادر، بأن ما يعطل تشكيل علاقات جيدة وحميمية بين البلدين هو وجود الفساد في الإدارة المحلية العراقية، فالفساد موجود في كل بلد، لكن عناصر بناء علاقة سياسية واقتصادية واجتماعية موجودة فعلاً، وأولها النوايا الطيبة التي تبديها الكويت نحو العراق، وثانياً الامتداد الاجتماعي للعائلات بين البلدين، والفرص الاقتصادية والتجارية التي يمنحها كل طرف للآخر، وخصوصاً العراق بسبب امتداده الجغرافي وتنوع مصادر ثرواته.

لا أعلم إن كان التواصل الأهلي الكويتي العراقي قد يساهم في تحريك ما يعجز الساسة عن تحريكه من خلال لجان وجمعيات شعبية وما أكثرها، لكن أين هذا الحراك الأهلي بين الشعبين؟ هل ينتظر إشارة انطلاق من حكومتَي البلدين؟

أسئلة كثيرة، الإجابات عنها مفقودة، لكن المؤكد أن تقدم الزمن بلا إنجاز سيزيد الكراهية وسيعيد توليدها بصور لا نُحبها، والمؤكد أيضاً أن صرف الوقت بلا عمل على تقوية العلاقات يُعَد غباء سياسياً من نوع آخر بعد كارثة الغزو.