يصادف اليوم ٢ أغسطس الذكرى الـ٢٩ للغزو العراقي الغاشم لدولتنا الحبيبة الكويت، حيث نستذكر بكل ألم ومرارة هذه الجريمة الآثمة الغادرة ونترحم على أرواح شهدائنا الأبرار الذين رووا بدمائهم الزكية الطاهرة أرض الكويت، سائلين المولى عز وجل أن يتقبلهم القبول الحسن وأن يسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، كما نستلهم من هذه المناسبة الحزينة الدروس والعبر في كيفية وحدة شعبنا وصموده وتضحياته البطولية في مواجهة هذا العدوان الغادر.

كما نستذكر اليوم بكل امتنان وتقدير كل من ساهم من الدول الشقيقة والصديقة في دحر هذا المعتدي الآثم، وعلى رأس الدول الشقيقة المملكة العربية السعودية، التي كان لها دور استثنائي في احتضان الكويتيين شعباً وحكاماً، حيث قامت السعودية بحشد كل إمكاناتها للوقوف إلى جوار الكويت حتى تحقق النصر. ومن الدول الصديقة التي لا يمكن أن ينسى الكويتيون دورها في تحرير بلادهم الولايات المتحدة الأميركية التي قادت التحالف الدولي في «عاصفة الصحراء» وأجبرت جيش المقبور صدام على الانسحاب من الكويت، فتحية شكر وإجلال لكل من ساهم في رفع الظلم عن الكويت.

Ad

ورغم مرارة هذه الذكرى فإنها تأتي هذا العام في وقت تم فيه الكشف عن مقبرة جماعية للأسرى الكويتيين وسيتم تسليم رفات هؤلاء الشهداء قبل عيد الأضحى المبارك حسبما أكد رئيس البرلماني العراقي خلال زيارته للكويت هذا الأسبوع، حيث يمثل هذا الخبر أهمية كبيرة لعشرات الأسر الكويتية التي فقدت أبناءها أثناء الحرب، وظلت طوال هذه السنوات تبحث عن مصيرهم، ولعل العثور على رفاتهم من شأنه أن يمنحهم السلام والراحة.

كذلك تحل علينا ذكرى الغزو الغاشم هذا العام وقد قفزت العلاقات بين الكويت والعراق إلى مراحل متطورة من التعاون والتنسيق والاتفاق حول مختلف القضايا، ويعود الفضل في ذلك، بعد الله تعالى، إلى حكمة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه الذي يحمل رؤية ثاقبة وحرصاً على إقامة علاقات أخوية مع جميع الدول، وخصوصاً دول الجوار، ولن ينسى العراقيون ما فعله سموه بالدعوة لعقد مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت والذي نجح في جمع أموال كبيرة لصالح هذا البلد الشقيق، كذلك قدم سمو الأمير مساعدات إنسانية كبيرة للاجئين والمشردين وضحايا الإرهاب في العراق ضارباً مثالاً وقدوة في التسامح والحب والعطاء.

ورغم وجود بعض الأصوات النشاز في العراق التي لاتزال تتبنى الأفكار الوهمية التي كان يروج لها النظام البائد حول الكويت ورغم وجود بعض التصرفات «الصبيانية» التي يمارسها عراقيون من أتباع حزب البعث المنحل فإن العلاقات الكويتية العراقية ماضية في طريقها الصحيح نحو تجاوز الماضي بكل جراحه وآلامه والعمل من أجل المستقبل لتحقيق التنمية والرفاهية للشعبين الجارين، لذا نتمنى أن تكتمل مسيرة التعاون وحل جميع المشاكل وإنهاء كل الملفات العالقة وإزالة كل العقبات التي تقف أمام تطوير العلاقات.

لقد نجحت الكويت في تجاوز محنة الغزو العراقي الغاشم وخرجت منها أكثر قوة وعزيمة ولم تفكر في الانتقام، وإنما جنحت إلى التنمية وعلاج ما أفسده هذا الغزو الغاشم، واستطاعت أن تحقق إنجازات في مختلف المجالات، وأن يكون لها سمعة مرموقة بين كل دول العالم. عاشت الكويت حرة مستقلة، وأدام عليها المولى عز وجل نعمة الأمن والأمان ودوام الاستقرار، في ظل قائد مسيرتنا حضرة صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده الأمين، حفظهما الله ورعاهما.