توقفت مراراً وتكراراً مع بعض طلبتنا حملة الدبلوم، سواء من خلال قياس اختباراتهم النظرية أو العملية أو حتى من خلال النقاش الذي يكشف العيوب، الأمر الذي يدعونا إلى أن نكون أكثر مصداقية وواقعية تجاه هذه المأساة والكارثة التربوية، فالطامة الكبرى أن بعض هؤلاء لا يجيدون حتى الكتابة.

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف اجتاز هؤلاء المراحل الدراسية المختلفة وصولاً إلى الدبلوم؟ وكيف اجتازوا المقابلات الشخصية؟ وكيف تأهلوا إلى مستوى متقدم في الكلية؟

Ad

إن نهوض الدول يأتي بتقدم أفرادها الذين تنطلق أفكارهم عبر بوابة التعليم، خصوصا أننا أمام حرب دائرة، الكل يتنافس فيها، وهي التطور والتنمية في ظل عالم أصبح صغيراً رغم حجمه الكبير، بفضل التكنولوجيا التي سهلت أمامنا كل شيء.

إن المعنيين بالحكومة الرشيدة الذين يرفعون شعار بناء الإنسان مطالبون بأن يأخذوا بعين الاعتبار عملية تطوير التعليم ونسف كل مناهج التخلف، والتدقيق عليها دون استثناءات للبعض من أجل بيع كتبهم وفرضها على طلبة الجامعة أو الدبلوم، فضلاً عن مكافحة فساد بعض الأساتذة الذين أصبح تقييم طلبتهم عبر الهاتف لإرضاء نائب أو قيادي أو زميل أو ابن القبيلة والعائلة أو التيار الذي ينتمون إليه، لأن هذه الأمور هدمت العقليات الفذة التي نمتلكها في بعض المواقع.

عملية نسف التعليم وإعادة ترميمه يجب أن تنطلق عبر ثوابت ينبغي اتباعها دون أي مجاملات أو محسوبيات لبعض الدول التي تصدر لنا معلمين لا يفقهون في التعليم شيئا أو مناهج لا تواكب التطورات أو أساتذة لا هم لهم سوى رفع معدلات المحسوبين عليهم وظلم الطلبة المجتهدين.

على حكومة التنمية أن تضع تصوراً متكاملاً قابلاً للتطبيق بعيداً عن دراساتها التي لا تعد ولا تحصى ولجانها التنفيعية، حتى ننجح في خلق جيل لا يبحث عن الشهادات الوهمية أو يستهدف شراء ذمم بعض المعلمين الوافدين الذين لا يهمهم إذا كان الطلبة يفقهون أو العكس، فالمهم لديهم جمع ما يمكن جمعه من الأموال أو تمرير واسطاتهم لتجديد دفتر سيارة أو الحصول على رخصة قيادة أو غير ذلك.

إن خطورة مثل هذه الأمور تكمن في أنها بداية انطلاق الطالب نحو ارتكاب الفساد الذي سيصبح عادة لديه أو لدى أفراد أسرته الذين همهم الأول والأخير النجاح بأي طريقة كانت، ليلتحق بعدها هذا الطالب بالكليات، ومن ثم الوظائف، وصولاً إلى حصوله على بعض المناصب.

إن الوضع التعليمي في البلاد لا يحتمل المجاملات لأنه بات على صفيح ساخن سيدمر أجيالاً ما لم تتم معالجته ومحاسبة كل من يتسبب في دماره وتراجعه.