شهدت الكويت أخيراً مهرجاناً زاخراً لمسرح الطفل العربي، تضمن العديد من الفعاليات الرائعة، ومن ضمنها تكريم مستحق للفنان الفذ عبدالناصر الزاير.

لست حالياً في معرض قراءة العروض المسرحية المقدمة، لأن فكرة المهرجان بحد ذاتها تستحق أن تكون محط إعجاب وتقدير المهتمين بأدب الطفل وفنونه وثقافته، لاسيما أن القائم على هذا المهرجان، وهو المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يركز كثيراً على الطفولة.

Ad

ولا يغيب عن خاطر كل المهتمين بشؤون الطفل أهمية مثل هذا النشاط الواعي المثمر الذي يعمل على تقديم نماذج مسرحية هادفة، تملأ وقت الصغار بما يثري ثقافتهم وينمي قدراتهم، بعيداً عما يتعرضون له يومياً من هجمات متعددة عبر وسائط التكنولوجيا المختلفة، والتي باتت شريكة كل بيت وكل أسرة في كل حال وحين.

وقد لاحظ جميع الذين تابعوا هذا النشاط المميز مدى الإقبال الكبير الذي شهدته الفعاليات من حضور وتفاعل الصغار الذين أبدوا الاهتمام الشديد، ما يبين مدى أهمية هذه الأنشطة لهم وحاجة المجتمع الحثيثةً إليها، والتي أعتقد أنه يحتاجها بشكل مستمر، ليكون المهرجان قائماً طوال العام... قد يقال إن هذا شيء عسير، نعم، لكن ما لا يدرك كله يمكن أن نحصل نصفه، أو ربعه، كأن يكون هذا المهرجان دورياً في كل فصل مرة. ولكن السؤال: ما السبب وراء هذا التمني؟ الإجابة بكل بساطة وبراءة: الأطفال بحاجة إلى ذلك.

طبعاً هناك أنشطة كثيرة للأطفال مستمرة طوال العام، وفي كل المجالات، لا أنفي ذلك، وهي أنشطة ناجحة وفاعلة، وهناك دور كبير تقوم به مؤسسات أخرى مشكورة، وهي تبلي في ذلك بلاء حسناً، لكن لابد أن نؤكد أهمية دور مسرحيات الأطفال في التوجيه والبناء التربوي، فضلاً عن تقديم عروض فنية لا تخدش براءتهم، ولا تدمر خيالاتهم، ولا تتسلل إلى كيانهم لكي تشوه تفكيرهم ومعتقداتهم، كما تفعل بعض المستوردات في المجتمعات العربية.

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حمل على عاتقه الكثير من الأنشطة، وقام بجهود جبارة تجاه عالم الطفولة، دون أن نغفل المؤسسات الأخرى، لكن قيادته الطليعية تجعل له مكانته الخاصة التي تجعلنا نعلق عليه الكثير من الرغبات، بأن تكون مسؤولياته تجاه الطفولة أكبر وأوسع، بل حبذا لو انبثق عنه مجلس آخر باسم "مجلس الطفولة الوطني للثقافة والفنون والآداب"، يعنى بكل ما له علاقة بالطفولة.

نحن نتمنى أن نرى مسرحاً دائماً للطفل، مفتوحاً للجميع، أن نرى عروضاً مسرحية يومية في كل المجمعات التجارية، كالعروض السينمائية، نتمنى أن تكون هناك سينما خاصة بالطفل، ومكتبات كبرى خاصة بالطفل.. وفنون متنوعة خاصة بالطفل.. وجامعة خاصة بدراسات الطفولة، وجريدة يومية للأطفال، وإعلام متكامل خاص بهم، وصفحات للطفل في الصحافة اليومية، بل نتمنى أن تنصب الجهود وتتركز على بناء الطفولة... لأنها أمل المستقبل.

ليس الأمر بعيد المنال، ولعل ما يقوم به المجلس منذ إنشائه خطوة، بل خطوات واسعات نحو تحقيق الأمنيات، فلا يغيب عن إدراك العاملين في مجال الطفولة أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه مسرح الطفل، فضلاً عما يمكن أن يوفره من مساحة هائلة للإبداع والتفرد والتميز المحلي والعربي، وكذلك الدولي.

تحية لمهرجان مسرح الطفل العربي، وتحية إلى كل الجنود المجهولين الذين سهروا وتعبوا وبذلوا الكثير من الجهد، ونقول لهم: ما قصرتم وجزيتم خيراً.

* كاتب متخصص في أدب الطفل