يستعد رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي للعودة إلى القيادة السياسية، مقدما نفسه بديلاً لرئيس الحكومة العراقية في مجالات شتى لا سيما منها مكافحة الفساد، ومراهنا على شارع يشعر بخيبة أمل بالغة إزاء الأداء الحكومي الحالي.

وتحدث العبادي في مقابلة مع وكالة فرانس برس عن خطر عودة الصراع الطائفي الى العراق الذي سجل في عهد العبادي نصره الكبير على تنظيم الدولة الإسلامية، وعن الفساد في بلد يحتل المرتبة الثانية عشرة على لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، وعن التوترات مع إقليم كردستان.

Ad

ويشير مصدر حكومي لوكالة فرانس برس إلى تعبئة سياسية يقوم بها العبادي، مراهناً على الصيف واحتجاجات العراقيين الدورية خلاله ضد انقطاع التيار الكهربائي المزمن في العراق ونقص الخدمات، كصهوة للعودة، بعدما نصب نفسه "معارضاً تقويمياً"، وفق ما يقول العبادي نفسه.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، يؤكد العبادي نيته العودة، قائلا "نحن نيتنا طيبة في هذا الإطار".

ويؤكد مصدر مطلع على نشاط العبادي أن الأخير يعقد لقاءات مع قادة كتل وأحزاب سياسية كبيرة.

ويؤكد العبادي من جهته أن هناك "تواصلا من نوع معين حالياً مع المرجعية" الشيعية الأعلى المتمثلة بآية الله السيد علي السيستاني، صاحب التأثير الكبير على المشهد السياسي العراقي.

ويشكل الشيعة غالبية السكان في العراق ولهم في العرف السياسي منصب رئاسة الوزراء منذ إطاحة نظام صدام حسين في العام 2003.

وكان الفساد أحد أسباب خسارة العبادي شعبيته التي بناها على انتصارات عسكرية متتالية، رغم أنه شبهه بـ"الإرهاب".

ولدى سؤاله عن تراجعه أو فشله في ضرب حيتان المال، يجيب "كيف تكافح الفساد، والأمر بيد القضاء؟ من يدعي أنه سيحارب كل الفساد دفعة واحدة هو في الحقيقة لا ينوي محاربته".

لكنه يقول إن "فساداً جديداً أضيف إلى الدولة وهو بيع المناصب الذي كان في السابق سراً وبات اليوم في العلن، وكل شيء بسعره"، خصوصا أن تسريبات انتشرت في خضم مرحلة تشكيل الحكومة عن سعي أحزاب بارزة لشراء منصب وزير بالدفع لمرشحين آخرين أموالاً طائلة للانسحاب.

ويربط العبادي الفساد بالطائفية التي يبدي تخوفاً من عودتها وبشكل أكبر، في حال استمرت الأمور على ما هي عليه في الساحة السياسية.

ويحسب لحيدر العبادي أنه قضى على النفس الطائفي في البلاد خلال فترة حكمه، وأنه أعاد نشر الروح القومية في مناطق كانت قبل عقد من الزمن حمامات دماء بفعل الاقتتال الطائفي.

ويقول "بالأمس الطائفية استخدمت كسلاح في الصراع بين الكتل (النيابية) لتقسيم الغنائم، ولهذا أصبنا بما أصبنا به".

ويضيف "إذا عاد داعش أو تشكيل إرهابي جديد، أو تشكيل ربما كوكتيل من إرهابيين وسياسيين وآخرين، سيكون تشكيلا خطراً يؤدي إلى انهيار الأوضاع بالكامل".

ولا يزال لتنظيم الدولة الإسلامية، رغم دحره، خلايا نائمة تنشط في مناطق قريبة من حزام بغداد وعلى المناطق الحدودية.

مع نهاية العام 2017، بدا العبادي بطلاً قومياً حقق نصراً عسكرياً على تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على ما يقارب ثلث مساحة العراق منذ العام 2014.

إضافة إلى أنه الرجل الذي استعاد غالبية الأراضي المتنازع عليها مع إقليم كردستان العراق، في إجراء "عقابي" لسعيهم إلى الاستقلال في استفتاء أجروه في أيلول/سبتمبر 2017.

ويقول متابعون للسياسة العراقية إن العبادي حينها ربما كسب بغداد، لكنه خسر الأكراد.

إلا أن العبادي يعتبر أن لا مشكلة لديه مع المواطنين الأكراد، "هناك مشكلة مع بعض الأحزاب، أو الجهات المسيطرة على الإقليم" في إشارة إلى الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني.

ويضيف "المشكلة هي أنها (الجهات) مسيطرة على ثروة الإقليم ونفطه. لهذا كنت دائما أسأل خلال المدة السابقة: أين الواردات؟ كانت العملية أشبه بغسيل أموال".

ويوضح أن الإقليم يصدر أكثر من 400 ألف برميل يوميا، "وهذه تكفي لتغطية كل مصاريف الإقليم وأن يعيش في رفاه. ولكنه يحصل على أموال هائلة من بغداد أيضا".

ويرى العبادي أن الحكومة الحالية لا تجد أمامها إلا العودة الى قرارات وخطوات سبق أن اتخذها خلال فترة حكمه. ويشير مثلا الى القرار الأخير لرئيس الحكومة الحالي عادل عبد المهدي الذي أمر باعتبار الحشد الشعبي "جزءا لا يتجزأ" من القوات الأمنية العراقية.

ويقول "أحيي قرار السيد رئيس الوزراء وأشجعه، إلا أنني كنت أتمنى أن يبني على القرارات السابقة أظن أننا أضعنا سنة ونصف"، منذ خسارته للسلطة لعدم تمكنه من تشكيل ائتلاف برلماني يسمى في العرف السياسي العراقي "الكتلة الأكبر"، ما يضمن تكليفه بولاية ثانية.

واعتبر محللون في حينه أن العبادي دفع ثمن قربه من الولايات المتحدة الأميركية، وأن موقفه المؤيد لتطبيق العقوبات الأميركية على إيران كان كفيلاً بتصفيته سياسياً.

لكنه يقول إن الاحتجاجات الشعبية المطلبية التي قامت في البصرة وامتدت جنوباً كانت سيناريو مفتعلا من "بعض الأطراف والقيادة الإيرانية بعيدة عن ذلك".