غياب التنسيق بين الجهات الحكومية بشأن سياسة تنظيم سوق العمل، وتخريج كوادر بشرية في التخصصات التي تحتاج إليها الدولة، تفسره خطة الابتعاث الداخلي والخارجي للتعليم الجامعي.

فعلى الرغم من تشبع أجهزة الدولة بالمهندسين وإعلان وزير الكهرباء والماء خالد الفاضل عن «طفح» لوظيفة المهندسين بأهم الوزارات الفنية المتخصصة كوزارتي الكهرباء والنفط، فضلاً عن وزارة الأشغال المعنية بتوظيف الكوادر الهندسية من حديثي التخرج، بالإضافة إلى خطابات ديوان الخدمة المدنية مراراً وتكراراً بعدم احتياج الجهات الحكومية لتخصصات معينة على رأسها تخصصات الهندسة والمحاسبة والقانون خلال السنوات المقبلة، وضرورة التركيز على التخصصات النادرة كالتخصصات الطبية والفنية التخصصية والعلوم التطبيقية، فإن وزارة التعليم العالي أدرجت في خطة الابتعاث الخارجي والداخلي للسنة الدراسية المقبلة 2019/2020 نحو 2730 طالبا في تخصصات الهندسة، و502 في تخصصات القانون والمحاسبة.

Ad

وذلك بالإضافة إلى الطلبة المستمرين في الدراسة بجامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والبعثات الخارجية والداخلية، والمتوقع أن يزيد عدد خرجيها خلال العامين المقبلين على 30 ألفاً، الأمر الذي يظهر فقدان حلقة الوصل بين الجهات الحكومية المسؤولة عن الكوادر البشرية وتوظيفها، وعدم وجود تنسيق وإرشاد لتحديد المسارات والتخصصات وفق احتياجات الدولة خلال السنوات المقبلة بين الجهات الحكومية.

ولا شك أن تعليق الوزير الفاضل على اعتصامات المهندسين الخريجين قبل أشهر خير دليل على أن أعداد هؤلاء تفوق عدد الدرجات الشاغرة في «الكهرباء» والقطاع النفطي، والأمر مرتبط أيضا بباب الرواتب، لأنه بحسب الفاضل «لا يكون الأمر بجرة قلم، بل بعد دراسة وتمحيص وتدقيق ومعرفة الميزانيات، وكيفية استيعاب الخريجين بتوفير أماكن في الوزارات».

حل جزئي

ويرى مسؤولون في «الخدمة المدنية»، أن التعيينات الأخيرة لعدد من المهندسين لا تشكل حلاً كلياً لأزمة خريجي التخصصات الهندسية، بالرغم من أن تلك الخطوة حلت الأزمة جزئياً من خلال تعيين 145 مهندساً «فائضا» عن احتياج شركات النفط و»الكهرباء»، بواقع 20 مهندس بترول في «النفط»، و50 مهندسة من تخصص هندسة البترول، و20 مهندساً من نفس التخصص بـ «الكهرباء»، وبالتالي تم توفير 90 وظيفة لتعيين المهندسين في الوزارتين مع وجود تنسيق بين وزارة الكهرباء والنظم الآلية المتكاملة لترشيح 55 مهندسا كيميائياً، الأمر الذي يؤكد عجز وطفح في توظيف المهندسين بالقطاع الحكومي، كما جاء على لسان مسؤول في الجهاز التنفيذي للدولة.

في المقابل، تكشف بيانات «الخدمة المدنية»، وهو الجهة المسؤولة عن رسم سياسات التوظيف في الجهاز الحكومي، ان طلبات الباحثين عن العمل من تخصص الهندسة الكهربائية فقط تتجاوز 300 مسجل في قائمة الانتظار، إضافة إلى العدد نفسه تقريباً من خريجي الهندسة الصناعية والمدنية والميكانيكية، بالاضافة الى مهندسي البترول الذين بدأ عددهم أيضاً في التضخم.

وذكرت مصادر في «الديوان»، أنه تم إطلاع الجهات الحكومية على عدد المنتظرين من خريجي الهندسة بأنواعها لإيجاد حلول لتوظيفهم، إلا أن طلبات الاحتياج تأتي بشكل شحيح من الجهات الحكومية، نظراً لاكتفائها، لافتة إلى أن هناك من المنتظرين من رفضوا في السابق توظيفهم في بعض الوزارات بحجة أنهم يرغبون في العمل بجهات أخرى مكتفية من المهندسين.

تخصصات مطلوبة

وأكدت المصادر أنه في مقابل «التخمة» ببعض التخصصات فإن ثمة احتياجات كبيرة لتخصصات أخرى، منها حاجة الدولة إلى الكوادر الطبية على رأسها كادر التمريض، خصوصا في ظل التوجه لتشغيل المشاريع الصحية الجديدة التي تحتاح الى نحو 30 ألف ممرض، اضافة الى التخصصات الفنية والدقيقة في مجالات الكهرباء والطاقة والمياه والمواصلات والنفط والطيران المدني والبنية التحتية وتقنية المعلومات والبرمجيات، مبينة أن الديوان في تواصل مستمر مع الجهات الحكومية لإيجاد فرص عمل للمواطنين، ومعالجة أوجه الخلل في سوق العمل الحكومي، ومتابعة تطوير التصنيف المهني والوظيفي الحكومي.