عندما يرى الآخرون كل هذه الضجة بشأن الاختلاط في الجامعات يعتقدون أننا مجتمع منقسم إلى مجموعتين: (إناث وذكور)، وكل منها لا ترى الأخرى ولا تتعامل معها ولا تحدثها، بل مجتمع خال من المشاكل والفساد، ومجتمع روحاني يخشى أي عمل يخالف الشريعة والدين، ولكن هؤلاء الآخرون لو سنحت لهم الفرصة أن يطلعوا على حياتنا وأمورنا لوجدوا أن المرأة والرجل يلتقيان ويختلطان منذ نعومة أظفارهما بدءاً برياض الأطفال وانتهاءً بالمقابر.

قضية الاختلاط ليست جديدة، كما أن إثارتها بهذا الزخم والنشاط والجهد ليست أول مرة، ولكن الغريب أننا كمواطنين بدأنا نشعر بالغثيان والقرف من الطرح التافه الذي يتبناه دعاة الإصلاح الجدد لمواضيع وقضايا ساذجة لم تعد من أولوياتنا في ظل تكالب المشاكل التي نعانيها، وتحت وطأة فساد لم يعد يكترث لا لقانون ولا لغضب الأمة.

Ad

لا أفهم أهمية لقضية الاختلاط في الجامعات في ظل تدهور وتخلف النظام التعليمي بمجمله، فالإصلاح الحقيقي ليس بفصل الإناث عن الذكور، بل بتطوير التعليم ومناهجه ومخرجاته، خصوصاً لأن الفصل هذا فصل مؤقت، حيث سيجتمعان بعد التخرج في الوظائف العامة، الأمر الذي يجعل من إثارته بهذا الشكل إثارة سياسية وانتخابية ساذجة.

يعني بالعربي المشرمح:

من وضع الاختلاط بالخلاط وخلط الحابل بالنابل إنما يريد إلهاء الناس عن فشله وعن استياء الأمة من أدائه، خصوصا أن ملفات الفساد والتدهور والهدر غيرها من المشاكل العالقة لم تُثر بهذا الزخم، كما لم تلق أي اهتمام من المهتمين اليوم بقضية الاختلاط، الأمر الذي جعل الشعب متيقناً بأن كل ما يحدث من حوله من قبل الساسة الجدد مجرد مسرحيات وخزعبلات لإلهائه عن إخفاقاتهم.