وسط دعوات إلى منحها فرصة، قوبلت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه وصهره غاريد كوشنر، التي طال انتظارها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بازدراء ورفض وسخط في العالم العربي.

وبعد كشف البيت الأبيض للمرة الأولى عن تفاصيل خطته المعروفة باسم "صفقة القرن"، باعتبارها "أكثر طموحات الجهود الدولية للشعب الفلسطيني والأكثر شمولا حتى الآن، مع إمكانية تسهيل أكثر من 50 مليار دولار في الاستثمار الجديد على مدى 10 سنوات، وكذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي"، أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أنه لا يريد استثمارات على حساب القضية الفلسطينية.

Ad

وقال بري، في بيان، "يخطئ الظن من يعتقد أن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان، الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، على الخضوع أو المقايضة على ثوابت غير قابلة للتصرف، وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة".

وسمّى ترامب وزير الخزانة ستيفن منوشين رئيسا لوفده لحضور "ورشة المنامة"، غدا وبعد غد، وعضوية صهره كوشنر، ومساعده والممثل الخاص للمفاوضات الدولية جاسون غرينبلات، ورئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين كيفن هاسيت، والممثل الخاص لإيران وكبير مستشاري السياسة لوزير الخارجية براين هوك، إضافة إلى مسؤولين آخرين.

وبينما أعلنت القاهرة مشاركتها في الورشة الاقتصادية بوفد يترأسه نائب وزير المالية، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة إن "الأردن قرر أن يشارك على مستوى أمين عام وزارة المالية للاستماع لما سيطرح والتعامل معه".

وشدد على "مبادئ الأردن الثابتة" القائمة على أن "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى، ولا بديل لحل الدولتين، الذي يضمن جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة على ترابه الوطني وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

وأكد أن "الأردن سيتعامل مع أي طرح اقتصادي أو سياسي وفق مواقفه الراسخة، فيقبل ما ينسجم معها ويرفض أي طرح لا ينسجم مع ثوابته، وسيستمر في العمل والتواصل مع المجتمع الدولي، وتكريس كل علاقاته وإمكاناته لحشد الدعم لمواقفه ولدعم الحق الفلسطيني".

استثمارات وفرص

ووفق الإدارة الأميركية، فإن الشق الاقتصادي من "الخطة التاريخية" يهدف إلى جذب استثمارات تتجاوز قيمتها 50 مليار دولار لمصلحة الفلسطينيين، وخلق مليون فرصة عمل لهم، ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي خلال 10 أعوام، موضحة أن المبادرة تهدف إلى اجتذاب استثمارات دولية كبرى، وتحسين جذري للبنى التحتية والتربية والتعليم والإدارة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وبعدما استغرق إعداد الخطة أكثر من عامين، عرض كوشنر خطوطها العريضة وتفاصيل وافية إلى حد إشادته بالمثلجات في رام الله في أحد فصول الترويج للسياحة.

وقال كوشنر، في بيان أمس الأول، "لقد بقي الفلسطينيون عالقين طويلا في أطر الماضي العديمة الجدوى، وخطة من السلام إلى الازدهار هي إطار لمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا للشعب الفلسطيني والمنطقة ورؤية لما يمكن تحقيقه إذا تم التوصل للسلام".

موقف فلسطيني

وعلى الفور، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضه لورشة المنامة، وقال قبل انعقاد اللجنة المركزية لحركة فتح في مكتبه برام الله: "لن نحضر هذه الورشة، والسبب أن بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز أن يتم قبل أن يكون هناك بحث للوضع السياسي، وما دام لا يوجد وضع سياسي فمعنى ذلك أننا لا نتعامل مع أي وضع اقتصادي".

كذلك، رفضت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي ما أعلنه البيت الأبيض بشأن الجانب الاقتصادي من خطته للشرق الأوسط، معتبرة أن عليه أن يعمل أولاً على إنهاء "سرقة إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ورفع الحصار عن غزة، وإعطائنا حرية التنقل ومراقبة حدودنا، ومجالنا الجوي، ومياهنا الإقليمية".

وشدد وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة أمس على أنه "نحن لسنا بحاجة الى اجتماع البحرين لبناء بلدنا، نحن بحاجة لسلام، تسلسل الأحداث انه انتعاش اقتصادي ومن ثم يأتي سلام هذا غير حقيقي وغير واقعي".

في المقابل، وصف وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساحي هنجبي، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفض الفلسطينيين خطة كوشنر بأنه أمر مأساوي.

وأعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، العضو في حزب ليكود اليميني بزعامة نتنياهو، تأييده لخطة كوشنر، وقال لتلفزيون "القناة 13": "تبدو جيدة. نحن دائماً مع تنمية الاقتصاد الفلسطيني ومع وضع حد للأزمة الإنسانية، والعالم أجمع يريد مساعدة الفلسطينيين إلا الفلسطينيين أنفسهم".

تفعيل «شبكة الأمان» العربية لفلسطين

عشية مؤتمر المنامة المرتقب، جدد وزراء المالية العرب أمس التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ مئة مليون دولار شهريا.

وقال الوزراء، في بيان عقب اجتماع طارئ عقدوه في مقر الجامعة بالقاهرة وحضرته الكويت، إنهم قرروا الالتزام بـ "تفعيل شبكة الأمان العربية دعما لدولة فلسطين في مواجهة الضغوطات والازمات المالية التي تتعرض لها"، من خلال "دعم السلطة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهريا".

كما أكد وزراء المالية العرب "الدعم العربي الكامل لحقوق دولة فلسطين السياسية والاقتصادية والمالية، وضمان استقلالها السياسي والاقتصادي والمالي".

ودانوا "القرصنة الإسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني"، داعين المجتمع الدولي إلى "الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه القرصنة، وإعادة هذه الأموال الفلسطينية كاملة غير منقوصة".

وتجبي إسرائيل لمصلحة السلطة الفلسطينية نحو 190 مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب على التبادل التجاري الذي يمر عبر الموانئ والمعابر الإسرائيلية.

وأعلنت إسرائيل في فبراير 2019 بدء اقتطاع نحو 10 ملايين دولار من هذه العائدات الفلسطينية، معتبرة أنها تعادل ما تدفعه السلطة شهريا لمصلحة أسر المعتقلين في السجون الإسرائيلية أو الذين قتلوا خلال مواجهات مع إسرائيل.