تعيش المنطقة أجواء ملبدة بالغيوم والألعاب الخبيثة بين الأميركي والإيراني ومن خلفهما الإسرائيلي، شد وجذب وأعمال أمنية وعسكرية، ونحن في وسط تلك الحالة غير الطبيعية متوترون ونراجع كل السيناريوهات، وما سينعكس علينا كدولة صغيرة متنوعة الأعراق والطوائف، ولكنها تاريخياً صمدت وبقيت، وعزز ذلك فسيفساؤها الجميلة وترابط أبنائها وحنكة إدارة علاقاتها الخارجية.

في تلك الظروف الاستثنائية تعتبر وحدة الجبهة الداخلية وتماسكها، والتناغم والترابط بين أفراد المجتمع أهم متطلباتها، ولدينا تجربة سابقة مريرة أثناء حرب الخليج الأولى، وما حدث خلالها من أحداث أمنية داخل الكويت، وكيف كانت نهاية ذلك من غزو للبلد وتدميره، لذا نقول لبعض الفرقاء لا تنجروا خلف أميركا وما تفعله مع إيران، فواشنطن وطهران في النهاية لديهما أهداف شبه مشتركة في المنطقة، وهي من أطلقت يد الإيرانيين في العراق وسورية ولبنان واليمن.

Ad

وكذلك للفريق الآخر نقول إن إيران لديها مشروع قومي مغلف بشعارات دينية يتجاوزكم كثيراً وأنتم لا تشكلون منه شيئاً عندما يكتمل، وانظر كيف يعيش أقرانك في العراق، وكيف جففت إيران نهر كارون وحولته إلى أصفهان، وتركت شط العرب يجف وتنتشر فيه الأوبئة لأهل البصرة والأهواز العرب، فمشروع إيران ليس لك فيه صورة أو حضور، ومعظم من ينخرطون فيه من العرب هم أدوات تشحذ هممهم الخطب الدينية لخدمة ذلك المشروع القومي الفارسي.

الكويت هي جنتنا وهي ملاذنا، والتي يجب أن نحيد ساحتها الداخلية عن ذلك التوتر، ونمنع كائناً من كان من استخدامها لمشاريعه الخاصة، ويجب أن يكون لدينا خطاب إعلامي بالغ التحفظ والحذر وسط هذه الأزمة، ونبتعد عن أي نهج متهور أو مناصر لأي طرف، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يمكن الوثوق به وبأفعاله، ويجب أن نُحذر كذلك إخواننا الخليجيين من أن يجرهم إلى مواجهة غير محسوبة العواقب، مع رئيس أميركي متردد ومزاجي، ويعمل بمنطق "عصبجي الأتاوات".